strong> نادر فوز
يمثّل مدخل كلية العلوم ــــ الفرع الثاني موقفاً للباصات الخاصة التي يستقلها طلاب «المناطق البعيدة» بين الشمال والفنار. ويعزز «الزحمة» تمركز آليات للجيش اللبناني في ثكنة دائمة قريبة من الكلية. تنتهي من عبور المدخل الرئيسي لكلية العلوم في الفنار، فتدخل إلى المبنى الرئيسي وتتوجه إلى الطابق السفلي حيث تتردّد أصداء الكافيتيريا. جماعات من الطلاب يشغلون زوايا الممر، منهمكون في أحاديثهم الخاصة بعيداً من الهمّ الدراسي. تثير اهتمامك غرفة صغيرة تطل على كل ما حولها عبر نوافذ كبيرة، وتعجّ بالطلاب المشغولين في الحصول على بعض الأوراق «الثمينة».
في هذه «الغرفة الزجاجية» يجتمع أفراد الهيئة الطالبية في كلية العلوم. هذه الهيئة التي يساهم في انتخاب أعضائها أكثر من أربعة آلاف طالب، وتقدّم كل ما تيسر من مقررات دراسية و«أوراق» أكاديمية خاصة بالطلاب.
«لم نعدّل فيها شيئاً وتركناها كما هي بزحمتها وفوضاها» يقول رئيس الهيئة الطالبية جوزيف شلهوب. ويردف: «الغرفة الصغيرة تتّسع لألف طالب». وكان طلاب الكلية قد «ناضلوا» باتجاه إعادة الانتخابات الطالبية التي ألغاها المدير أنطونيو خوري للعام الدراسي ما قبل الماضي، فاستطاعوا نيل هذه الغرفة أيضاً.
في الغرفة أربع طاولات متوسطة الحجم وعدد من الكراسي، إضافةً إلى «خزانة» واحدة تحوي ربما بعض «الأسرار» الطالبية، أو تمثّل فقط مكاناً آمناً لحفظ الملفات وأرشيف المقررات. تغيب التجهيزات «الضرورية» التي تحضر في «الهيئات» الأخرى، كالكومبيوتر وآلة التصوير وغيرها. عند السابعة من صباح كل يوم «يفتح» أحد أعضاء الهيئة «المكتب»، فيبدأ باستقبال الطلاب ويؤمن حاجاتهم حتى الخامسة والنصف مساءً. يدخل الطلاب، يأخذون ما يريدون ويخرجون شاكرين الأعضاء الموجودين. أحدهم أراد «horaire الـBio-Chimie»، فنال جواباً لم يعجبه «عدّ عند الساعة الثالثة»، إذ إنّ الأوراق نفدت ويجري العمل على تصوير المزيد منها. أما طلاب الاختصاصات الأخرى، كـ«Mathématiques pures والـ Physiques والـ Biologie»، فتلبى أمورهم من دون أي مقابل مادي «إذا كانت المقررات مؤلفة من بضع أوراق». تسأل إحدى الطالبات، عن كيفية تغيير اختصاصها، فـ«يتسلّم» أحدهم قضيتها.
للمزاح حصة في «الهيئة»، إذ تتحوّل رواية إحدى الطالبات «المعارضات لانتماء الهيئة» عن زواج اختها من شاب من منطقة زغرتا إلى «صراع مرح» بين «القواتية» وعدد من أفراد الهيئة. «هذا صوت انتخابي جديد»، يقول أحدهم، فتردّ الطالبة بسرعة «بالطبع لا، فالحياة الشخصية بعيدة كل البعد عن الانتماءات السياسية». «يمتد» الحديث وتكثر معه الافتراضات، «ربما أغرمت بأخيه الذي كان إشبيناً أمس»، الردّ جاهز أيضاً «العريس وحيد لأهله، والإشبين لم يعجبني أصلاً».
يوضح جوزيف أنّ التيار الوطني الحرّ الذي فاز بالهيئة مع حلفائه (تيار المردة وحزب الطاشناق)، يعطي هامشاً لعمل الأطراف الأخرى عبر توزيع «الكورات» أو تنظيم المحاضرات الأكاديمية والنشاطات بما فيها السياسية. ويرى أنّه من خلال هذه الطريقة لا يسمح «التيار» في «العلوم» لأي طرف أو فرد بالتذرّع بأنّ ضعوطاً تمارس عليه.
فوق أحد جدران «الهيئة»، علّقت صورة للجنرال عون، وتحتها شعار المعارضة اللبنانية بألوانه السبعة. تعطي هذه الصورة صبغةً معيّنة لانتماء الهيئة، إلا أنها ذات قيمة خاصة لدى طلاب «التيار»، «فالجنرال» وقعها خصيصاً لهم. ويقول رئيس الهيئة إنّ «التيار» يمتلك منذ العام الدراسي الأول بعد الحرب الأهلية، «وطوال فترة الاحتلال»، أكبر كتلة في «المجلس» حتى لو أنه لم يفز بأغلبية المقاعد، إذ كان يترشح منفرداً في مواجهة التحالفات الأخرى التي جمعت بعض الأحيان «القواتي» و«القومي». تستحوذ قضية الـ «LMD» القسم الأكبر من الهموم الأكاديمية للهيئة، إذ يجري تطبيقة بشكل «خاطئ»، فيُمنع طلاب السنتين الأولى والثانية من الدورة الثانية في حال رسوبهم في إحدى المواد. ويلفت جوزف إلى صعوبة الامتحانات، مطالباً بتطبيق هذا النظام كما في أوروبا وكما ورد في النسخة اللبنانية منه، مشيراً إلى اجتماعات ستجمع الهيئة بالعميد والمدير للتباحث في الموضوع.
وعن رأي «القواتيين» بعمل الهيئة «العونية»، يرى مسؤول القوات في الكلية إيلي جعجع أنّ الهيئة «لا تقوم بدورها المناسب في الأمور الأكاديمية»، إذ لا تسمح لممثلي «القوات» بتنفيذ بعض الأمور «التي يحق لنا بها»، كالحصول على أوراق الـTD لتوزيعها على الطلاب، أو القيام ببعض النشاطات السياسية، إلا أنّ ايلي اعترف بتعاون الهيئة بشكل عام، رغم مطالبته بأن تكون تمثيلية لجميع الطلاب. وضع إيلي الخلاف مع «التيار» في خانة الخلاف السياسي، إذ أعرب عن دعم وتعاون القواتيين مع «التيار» والأطراف الأخرى في ما يخص المصالح المشتركة للطلاب.
وأبدى جعجع استعداد «القواتيين» للانتخابات واصفاً إياها بـ«الحامية»، واستنكر منع النشاطات السياسية والسماح بإجراء انتخابات طلابية.