ابراهيم عوض
شبّه ارتكاب الحكومة للمخالفات الدستورية بالدجاجة التي علقت قدماها في الوحل

« لم أشعر في حياتي بالاشمئزاز كما أشعر اليوم». قالها الرئيس نبيه بري وهو يستهل الحديث عن مبادرته التي أجهضت قبل أن تولد وجرى القصف عليها حتى قبل الكشف عن مضمونها. أما السبب فيشرحه رئيس المجلس لـ«الاخبار» بأسلوبه المشوّق وبحركات يديه المعبرة: «ما ان عرفت جماعة 14 آذار بحصول اجتماع بين العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز ووفد من «حزب الله» حتى قامت الدنيا عندهم ولم تقعد فأعلنت حال الاستنفار ووزعت المهمات، وهبّ النائب وليد جنبلاط مطلقاً تصريحاته النارية التي لم أسلم منها هذه المرة، وهو الذي تجنب ذلك طوال هذه المدة ومنذ اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري. وطلع علينا عضو كتلته النائب أكرم شهيب ليغمز من قناة إطلاعي السفير الأميركي على أجواء المبادرة، محاولاً الإيحاء كأنني «عميل أميركي». إنه زمن العجائب فعلاً».
«ما أشبه الليلة بالبارحة». استعاد بري المثل الشائع ليذكّر بأنه في العام الماضي كان ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة على جبل عرفة يؤديان فريضة الحج حين تبلّغا نبأ وصول الرئيس بشار الأسد الى الرياض واتفاقه مع الملك عبد الله على نقاط محددة لحل الأزمة اللبنانية، وما حصل يومها أن الفريق إياه (14 آذار) استشاط غضباً، فهاجم المبادرة السعودية ـ السورية بعنف حتى قضى عليها، ثم عاد النائب سعد الحريري بعد فترة وجيزة واعتذر من المملكة في مقابلة تلفزيونية أجريت معه». وتساءل بري هنا «إذا كانت الأكثرية ترفض وساطة المملكة العربية السعودية وما تعنيه هذه الدولة للبنانيين وهي الحريصة على جمع شملهم وعدم التفريق في ما بينهم، فإلى اين نلجأ بعد ذلك؟ وأجاب: «لم يبق أمامنا سوى جزر القمر.. وأنا أنصح بذلك».
ولفت رئيس البرلمان بأن كلامه السابق أسمعه للسفير السعودي عبد العزيز خوجة لدى استقباله له ظهر أمس، منوهاً بالدور الذي يقوم به الأخير، مؤكداً أنه لم يطلب شيئاً من المملكة في إطار المساعي التي يبذلها للخروج من الوضع الراهن، إلا وكان ردها إيجابياً ومشجعاً.
وتوقف الرئيس بري عند قول الرئيس السنيورة في معرض تعليقه على اقتراحه تأليف حكومة أقطاب عشرية بأنه يصعب العثور على وزير واحد محايد، فكيف نأتي بأربعة وزراء محايدين، فرأى أن كلام السنيورة «يدل على عدم تمييزه بين المحايد والمستقل، مشيراً الى أن ما عناه في مبادرته هو الوزير المستقل لا المحايد حيث هناك المئات ممن يتحلون بهذه الصفة وفي مقدمهم الرئيس سليم الحص على سبيل المثال».
وحول ما يتردد عن إمكان عقد جلسة لمجلس النواب بدعوة من نائب رئيس المجلس فريد مكاري تحدث بري بشيء من الحدة فقال: «عليهم أن يقلعوا عن هذه الهرطقات ويكفوا عن ارتكاب المخالفات الدستورية»، كاشفاً ان مكاري اتصل به مهنئاً بعيد الأضحى والعام الجديد، فأجابه شاكراً متمنياً عليه التخفيف من تصريحاته الدستورية. وذكر في هذا الصدد ان نائب رئيس المجلس السابق إيلي الفرزلي رفض طلبه بترؤس إحدى جلسات مجلس النواب أثناء وجوده خارج لبنان لإقرار بعض مشاريع القوانين التي كان يطالبه بها الرئيس الراحل رفيق الحريري، وقد برر الفرزلي رفضه يومها بأنه «لا يريد مشكلة مع الإخوان الشيعة». ولم تفت رئيس المجلس الإشارة الى ان موضوع ترؤس نائب رئيس مجلس النواب للجلسات شبيه بمسألة ترؤس نائب رئيس مجلس الوزراء لجلسات الحكومة أيضاً وما أثار الحفيظة هنا يثيرها هناك أيضاً.
وأخذ بري على الحكومة مضيها في مخالفة الدستور وشبّه حركتها بهذا الخصوص بالدجاجة التي علقت قدماها في الوحل، فراحت ترفع قدماً لتخرج منه فإذ بها تعلق من جديد عند رفع القدم الأخرى وهكذا دواليك».
ولدى معاودة سؤاله عن احتمال لجوء الحكومة الى عقد جلسة نيابية برئاسة مكاري، رد على الفور: «عندها تغرق في الوحل تماماً».
وأورد رئيس المجلس عينات من هذه المخالفات أبرزها تقدم نواب الأكثرية بعريضة لإقرار مشروع المحكمة الدولية فيما المشروع لم يطأ باب المجلس «حتى التبس الأمر على كل من الرئيس الحص ومفتي الجمهورية الشيخ الدكتور محمد رشيد قباني وقد أوضحت الأمر للأول، وشرح موفدي النائب علي بزي المسألة للثاني فأبدى دهشته واستغرابه لتصرف الحكومة».
ويرى بري أن قضية استقالة وزير الداخلية حسن السبع من أغرب و«أطرف» المخالفات الدستورية التي ارتكبتها الحكومة، وخصوصاً أن استقالته لم يبتّ بها وجرى تكليف وزير الشباب والرياضة الدكتور احمد فتفت ليحل محله بالوكالة، وبقي على هذه الحال لأكثر من ثمانية أشهر، فيما الوزير السبع موجود في لبنان يمضي فترة تأمل قبل أن يعود عن استقالته ويلتحق بالركب.