عامر ملاعب
انعكس فشل السلطة السياسية في إقرار خطة متكاملة وتطبيقها لتنظيم قطاع المقالع والكسارات عبر وضع قانون جديد ومراسيم تنظيمية واعتماد مخطط توجيهي فني، على مشكلة المقالع الثلاثة العاملة في منطقة ضهر البيدر التابعة عقارياً لبلدية عين دارة، وخصوصاً أن المقالع الثلاثة تضم عشرات الكسارات أي بما يزيد مرات عدة على عدد الكسارات السبع المقفلة، إنفاذاً لقرار وقف عمل الكسارات والمقالع في منطقة ضهر البيدر استناداً إلى المخطط التوجيهي الذي قضى بنقل الكسارات جميعها إلى سلسلة جبال لبنان الشرقيةالمشكلة أبعد من مسألة الاستنساب، فالمقالع القائمة بكساراتها لا تزال تمعن في الجبال تشويهاً وخراباً لا يمكن إصلاحه، فاختفت جبال وتحولت مساحات شاسعة إلى مناطق لا يمكن الاستفادة منها في أي من المجالات، يضاف إلى ذلك أن الكسارات بدلاً من الالتزام بدراسة الأثر البيئي والعمل ضمن مقتضى القانون، تتوسع أفقياً وعمودياً في سبيل زيادة طاقتها الانتاجية والاستئثار بالحصة الكبرى من السوق اللبنانية.
في هذا الإطار، نظمت «جمعية طبيعة بلا حدود» جولة ميدانية على الكسارات العاملة من دون الدخول إلى حرمها، لعدم حصول إشكالات مع القيمين عليها، وسط حساسية مفرطة من الإعلام.
بعد الجولة، تحدث رئيس الجمعية المهندس محمود الأحمدية، فقال: ثمة مثل شعبي يقول «ذاب الثلج وبان المرج»، بالفعل بعدما ذابت الثلوج بانت الفضيحة واضحة، وهذا المشهد الذي رأيناه اليوم يختصر كل الفضائح على كل الصعد، وخصوصاً على مستوى الكسارات. فأمامنا صورة تثبت بالأرقام ان ثمة ستوكات بحص تابعة لهذه الكسارات لا تقل عن ثلاثة ملايين متر مكعب من البحص. وثمة كسارة تنتج عشرة آلاف متر مكعب يومياً من خلال كساراتها التي يتعدى عددها اثنتي عشرة كسارة، وكسارة أخرى تنتج يومياً ألفي متر مكعب وأخرى تنتج ثلاثة آلاف متر مكعب يومياً. وبالمقابل نشهد توقيف أكثر من اثنتي عشرة كسارة، لسبب بسيط هو ان أصحاب الكسارات العاملة الآن تابعون لحيتان المال والسلطة وهم من الأشخاص المدعومين في لبنان.
وتابع الأحمدية «ليفهم الجميع أننا كبيئيين لسنا ضد الكسارات بشكل عام، إنما نحن ضد عدم تطبيق تقويم الأثر البيئي. نحن ضد الكسارة اذا كانت تدمر البيئة ولكننا معها اذا كانت تحترم الشروط البيئية. وباختصار نطالب ولو لمرة واحدة بتنفيذ القوانين واحترامها وأن تقف الدولة وقفة جدية صارمة لوضع حد لما هو قائم، عبر وزارتيْ الداخلية والبيئة وعبر المحافظ ومن خلال منطوق القانون 8803 الصادر في عام 2002 والذي حُدّدت من خلاله سماكة المنطقة المخصصة لقيام الكسارات وارتفاعها وكمية الإنتاج السنوية القصوى والدنيا، ونناشد كل المسؤولين ان يقفوا على هذا المشهد المريع حيث تتعدى أعمال الحفريات وتنهش الجبال أكثر من خمسين متراً، فيما يجب ألا تتعدى ثلاثة أمتار. ونحن نعلم بأن المشكلة الأساس هي أن كل الأمور تحصل من تحت الطاولة حيث يلعب المال دوره، فخلال خمس دقائق فقط، أحصينا ما لا يقل عن خمسين شاحنة وكأن أصحاب الكسارات غير معنيين بحياة بالناس ولا يهمّهم البشر ولا الحجر».
ورأى الأحمدية أن «ما نشهده هنا في ضهر البيدر هو استمرار عمل كسارات كبرى تخالف كل القوانين، فيما أُوقفت كسارات أخرى صغيرة عن العمل لمجرد ان القيمين عليها ليسوا مدعومين من أحد»، وشدد على ضرورة «تطبيق القانون، فإما ان يتم توقيف كل الكسارات عن العمل أو أن تعمل كلها، ولكن ضمن الشروط القانونية المطلوبة».