غسان سعود
عون: التحرك فيلم لبناني طويل ونَفَسنا أطول من نَفَس «البسينات»

مع انتهاء عطلة الأعياد انتهت «استراحة المقاتل»، وعقدت المعارضة الوطنية اجتماعاً في منزل العماد ميشال عون في الرابية، انتهى الى بيان ببرنامج عمل للمرحلة الثانية من تحرك المعارضة، والعناوين باختصار: شراكة، إصلاح، إقرار قانون انتخابي جديد، انتخابات نيابية مبكرة، رفض ورقة السنيورة الإصلاحية. والأبرز اعتبار المجتمعين أن الفريق الحاكم «سلطة انقلابية منقلبة على الدستور ومن واجب اللبنانيين والمسؤولين التعاطي معها على هذا الأساس. وأصبح مشروعاً إسقاطها وإزاحتها بكل الوسائل السلمية المتاحة». والخطوة الأولى في هذا الاتجاه ستكون اليوم، مع الاتحاد العمالي العام، قبالة مركز الـ TVA.
في الخارج زحمة صحافيين لم تشهدها الرابية سابقاً، وتساؤلات عمّا يمكن أن تحمله «المرحلة الثانية» من مفاجآت. وفي الداخل، تناولت النقاشات ثلاثة محاور رئيسة. هي انحسار كل المبادرات والمساعي العربية على خط الأزمة، سقوط المقترحات المحلية واحداً تلو الآخر، وتصعيد الحملة على المعارضة من جانب الفريق الحاكم. وبدا واضحاً من خلال النقاش وأسلوب اتخاذ القرار، دور بارز للتيار الوطني الحر في قيادة المعارضة، مع تشديد على مراعاة آراء القيادات السياسية. وأوضح مسؤول الاتصالات السياسية في التيار جبران باسيل أن مبدأ المشاركة الذي تطالب به المعارضة تكرسه في مداولاتها، «وهكذا، عُدلت أكثر من فكرة نزولاً عند طلب بعض الأطراف. لكن أبرز ما اتفق عليه اعتبار الحكومة انقلابية وإسقاطها مشروعاً بكل الوسائل»، وهي خطوة، بحسب أحد أبرز قادة المعارضة، ستُستتبع حتماً بخطوات أخرى. وعُلم أن هذه النقطة نوقشت لفترة من الوقت، وعُدل نصها الأول، إفساحاً في المجال أمام وقت إضافي قبل إعلان خطوات أكثر حدة.
وبعد أكثر من ساعتين على الاجتماع المغلق، غادر الرئيس عمر كرامي والوزير السابق سليمان فرنجية والداعية فتحي يكن وواكيم وسعد، قبل أن يخرج العماد ميشال عون وأرسلان على الصحافيين. وقرأ أرسلان البيان، الذي استُهل بالإشارة إلى «مرور 37 يوماًً على الاعتصام الشعبي للمعارضة الوطنية، وسط استمرار تعنّت المجموعة الحاكمة في الاستجابة لحقوق الشعب البديهية في المشاركة بصنع قراره ورسم مستقبل حياته». وعرض للنقاط الخمس التي اتفق عليها، وهي:
«أولاً، إن المعارضة الوطنية تحمل مشروع دولة الحرية والسيادة والاستقلال في مواجهة فريق حاكم استبدل الشرعية الميثاقية والدستورية والشعبية بالدعم الخارجي. مرتضياً استبدال الوصاية السابقة بوصايات جديدة ومتعدّدة. ومشروعنا هو الوحدة الوطنية، التوافق الوطني في مواجهة التعصّب المذهبي، (...) إنّه الشراكة في مواجهة الاستفراد، إنّه النمو في مواجهة تنامي الدين العام، إنّه الإصلاح في مواجهة الفساد، إنه الاستقلال في مواجهة الاستتباع.
ثانياً، أصبح من البديهي القول إنّ هذه الحكومة فاقدة لشرعيتها الشعبية بعد أكبر تظاهرة شعبية شهدها لبنان في 10 كانون الأول 2006، وأصبحت فاقدةً لشرعيتها الوظيفية والدستورية والميثاقية بعد خرقها المادتين 83 و95 والفقرة «ي» من مقدمة الدستور. إنّ الدستور اللبناني هو الاطار الناظم لممارسة السلطة والحكم، وهذه الحكومة التي لم تتقيّد بالدستور وخرجت عن قواعد الحكم لتبتكر قوانينها الخاصة أصبحت سلطة انقلابية منقلبة على الدستور ومن واجب اللبنانيين والمسؤولين التعاطي معها على هذا الأساس. وأصبح مشروعاً إسقاطها وإزاحتها بكل الوسائل السلمية المتاحة.
ثالثاً، إن المعارضة تؤكد التشديد على مطلبها الرامي إلى إقرار قانون انتخابي جديد وعادل وإجراء انتخابات نيابية حرّة مبكرة بإشراف حكومة وطنية موثوق بها داخلياً.
رابعاً، إن جوهر خلاف المعارضة مع الحكومات المتعاقبة منذ عام 1992 يتعلق بالنهج الاقتصادي المخيف الذي يدفع بلبنان إلى المجهول (...) وإمعاناً في اعتماد سياسة إفلاس الدولة وإفقار اللبنانيين، جاء ما سُّمي زوراً ورقة الإصلاح الاقتصادي في توقيت مشكوك فيه ومرتبط بأسباب سياسيّة خارجية من دون الالتفات إلى الوضع السياسي الداخلي المأزوم والى حاجة اللبنانيين إلى توافق داخلي يشكل أساساً لبرنامج إصلاحي فعلي يؤدي إلى نهوض اقتصادي.
خامساً، تؤكد المعارضة التزامها الاستمرار في حركتها الاعتراضية الغاندية واعتصامها المفتوح في ساحتي الشهداء ورياض الصلح، وتتبنى دعوة الاتحاد العمالي العام للتظاهر أمام مركز الـ TVA كما تدعو جميع اللبنانيين للمشاركة فيه».
وانتهى أرسلان بتأكيد قرار المعارضة تصعيد تحركاتها الشعبية وتحويل تظاهرة الثلاثاء حركة يومية تصاعدية تمتد الى كل الوزارات والمرافق العامة وصولاً إلى تحقيق جميع مطالبها.
وأجاب العماد عون عن أسئلة الصحافيين. فأكد أن للمعارضة نفَساً أطول من نفس «البسينات»، وأنها «متفاهمة ومستمرة»، وقال إن تحرك المعارضة «سيكون يومياً ويمتد إلى جميع الوزارات والمرافق دون استثناء، وسيكون هناك فيلم يومي، يُمكن أن نسميه فيلماً لبنانياً طويلاً».
وعن تحرك الاتحاد العمالي اليوم، رأى أن «الاتحاد أصيب مباشرة، لكن تحركنا يشمل التحرك السياسي والحركة المطلبية» في إشارة إلى أن تحرك الاتحاد جزء من الحركة المطلبية التي تدعمها المعارضة، لافتاً إلى أن التصعيد لن ينعكس سلباً على الاقتصاد، لأنه الطريق الوحيد لتغيّر النهج السياسي المالي والقيام بعملية استنهاض «بعدما أوصلتنا الـ14 سنة الماضية إلى حافة القبر».
من جهة أخرى، نفى عون أن تكون غاية التصعيد الإعلان عن قوة المعارضة بعد أكثر من شهر على بدء الاعتصام، معتبراً أن «الـ37 يوماً للاعتصام لم تذهب سدى، كانت لامتصاص التحضير لفتنة داخلية، امتصصنا كل النقمة وطهرنا الخطاب». وكرر موقفه أن «الحل لم يكن يحتاج سوى أربعة وزراء في الحكومة ليتمثل كل اللبنانيين».
وحول الاتهامات للمعارضة بالانتماء إلى المحور السوري ــ الإيراني، تحدى عون «أن يتمكن أحدهم من صياغة العلاقة اللبنانية ــ السورية، وترسيم الحدود وتبادل البعثات الدبلوماسية، أفضل مما صاغها التيار الوطني الحر وحزب الله». وأكد أن طلب المعارضة تأليف حكومة وحدة وطنية كان يهدف «إلى المشاركة والتصحيح من الداخل»، وأن الخطاب السياسي للاعتصام منذ بدايته طالب بجعل قرارات الحكومة أكثر ملاءمة لمصلحة كل اللبنانيين.
وتزامناً مع مغادرة قياديي المعارضة والوفود المرافقة، الرابية، حضر نواب تكتل التغيير والإصلاح لعقد اجتماعهم الأسبوعي. وصدر بيان طالب بكشف الحقيقة حول اغتيال وزير الصناعة بيار الجميّل. وتبنى مضمون بيان المعارضة، وحذر حكومة الأمر الواقع من تماديها في خرق الدستور.
حضروا
حضر لقاء المعارضة الرئيس عمر كرامي، وفد من «حزب الله» ضم المعاون السياسي للامين العام لـ «حزب الله» الحاج حسين الخليل وعضو المجلس السياسي محمود قماطي، وفد من حركة «امل» ضم النائب علي حسن خليل واحمد البعلبكي، الداعية الاسلامي فتحي يكن، رئيس التنظيم الشعبي الناصري النائب أسامة سعد، رئيس الحزب الديموقراطي طلال أرسلان، رئيس المؤتمر الشعبي اللبناني كمال شاتيلا، والنائب السابق نجاح واكيم.




لقطات

• أول الواصلين إلى الرابية كان الوزير السابق سليمان فرنجية الذي عقد اجتماعاً مع العماد ميشال عون والقياديين جبران باسيل وبيار رفول.

• كان لافتاً استقبال باسيل الحار، على المدخل الخارجي، لأبناء دائرته الانتخابية، الرئيس عمر كرامي والوزير فرنجية. وعلّق باسيل على ذلك بالقول: «شماليّون، لذلك أهتمّ بهم».

• أثار أحد المصوّرين بلبلة حين طلب من زملائه الاستعداد لالتقاط صورة للنائب وليد جنبلاط لحظة دخوله إلى منزل العماد عون. وحين سئل عن ذلك، قال إن جنبلاط «سيحضر لشعوره أن التغيير بات على الأبواب، والآن اللحظة الأفضل للبرم مجدداً».