strong>حزب «الفينيقيون المتحدون» يطرح طريقة جديدة لإنقاذ الوطن من مشاكله السياسية والثقافية والطائفية... الحل يكمن بإنشاء «الجمهورية الفينيقية» في لبنان «وطنها الأم أرض بلاد الأرز» إضافة إلى كل المستوطنات الفينيقية عبر البحر المتوسط التي تعيد إحياء عصر السلام والازدهار الفينيقي
رغم الطابع السياسي الذي يظهره حزب «الفينيقيون المتحدون» عبر الدعوة التي يطلقها مؤسسو وأعضاء الحزب إلى اللبنانيين ــ الفينيقيين للانضمام إلى صفوفهم والعمل لإنشاء «الجمهورية الفينيقية» التي تمتد من لبنان إلى كل المستوطنات الفينيقية، يبدو الحزب أقرب إلى التيار الفلسفي أو الطائفة الفكرية منه إلى الحركة السياسية.
ويرى المسؤولون عن هذا الحزب عبر موقعهم على الإنترنت www.unitedphoenicianparty.org الفينيقيين «قدوة يجب العمل على أساسها في التعامل السلمي والتجاري». ويشرح مسؤول في الحزب، رفض الإدلاء باسمه «أن الفينيقيين هم أجدادنا الذين تحدوا مصاعب الحياة والمنطقة ليصبحوا أكثر أمة خلاقة على الأرض. وها هم اليوم أبناؤهم المنحدرون من نسلهم يقومون بالمثل في كافة أقطار الأرض. فهم عناصر خيرة وفاعلة في مجتمعاتهم، وهم يشكلون نواة حزبنا هذا».
أما عن كيفية التأكد من أن هؤلاء اللبنانيين هم من أصل فينيقي فيجيب بشكل قاطع بأن «الدراسات الجينية تظهر الحقيقة هذه»، رافضاً تحديد أي دراسات أو أبحاث يعتمد عليها لهذا الإثبات.
ويشرح المسؤول أن رفضه الإدلاء باسمه هو لغرض معين «فالانتساب إلى الحزب هو لخدمة الأمة لا الأفراد». ويؤكد أن المؤسسين هم «من اللبنانيين ــ الفينيقيين الذين يعيشون بعيداً عن أرض الوطن، ولكنهم يتمتعون بحرية التعبير»، تلك التي تظهر جلياً في البرنامج السياسي للحزب، أو كما يسميه أعضاؤه «خارطة الطريق لإنشاء لبنان ــ فينيقيا المستقلة"، وأولى المطالب للحزب هي «إلغاء التجنيد الإجباري، ومن ثم عقوبة الإعدام وإعطاء المرأة حقوقاص إضافية لأنها أم البشرية جمعاء». يطالب أيضاً حزب «الفينيقيون المتحدون باعتبار فينقيا مركز السلام العالمي وبالتالي منع كل المنظمات الإرهابية من أن تكون على أرضها».
ومن الأهداف الأخرى التي يعمل عليها هذا التنظيم «إنهاء خلافات لبنان مع الدول المحيطة به على حد سواء. لا بل يذهب لأكثر من ذلك مطالباً بتوقيع اتفاقية سلام مع إسرائيل وبدء التمثيل الدبلوماسي. وبحسب القيمين، فإن طرحهم هذا وإنشاء الجمهورية الفينيقية «يخلص لبنان من أمراضه المزمنة».
إلا أنهم، بانتظار إنشاء جمهوريتهم تلك، لا يترددون بالتحيز سياسياً، فالإهانات والاتهامات لا تتوقف على حزب الله وحركة أمل «عملاء سوريا وإيران». هم يطالبون بإنشاء دولة «نظيفة من المنظمات الإرهابية وخاطفي الطائرات».
ويؤكد مؤسسو الحزب أنهم سيكملون مهمتهم في «محاربة الفساد والإرهاب والمساعدة في النمو الاقتصادي وتأمين السلام والحرية للأجيال الصاعدة». وهم يرفضون اعتبار أن حزبهم يستعمل التاريخ لأغراض سياسية، بالرغم من أن الحضارة الفينيقية المتحدة لم توجد قط عبر الزمن. وإن هذا «السلام الفينيقي الذي ينشدونه ليس إلا حلماً. فحال الحضارات وتاريخ الشعوب أكثر تعقيداً من ذلك، وخاصة أن الدويلات الفينيقية كانت ملكية ولم تعرف النظام الجمهوري الديموقراطي. وهم مصرون على أنهم «فينيقيون حقيقيون ويطالبون بالاعتراف بتراثهم هذا على أنه حقيقي، تماماً مثل اليونان الذين يعيشون بسلام مع ماضيهم».
وقد يلاقي هذا الحزب رواجاً عند البعض من علماء الآثار، فهو يضع الحفريات الأثرية للمواقع الفينيقية على قائمة أهدافه، لكن من دون تحديد الدرجة التي ستسيس تلك الاكتشافات.
يرفض الحزب التعامل بالدين ويعطي لكل المواطنين الحق باعتناق الديانة والالتحاق بالطائفة التي يختارونها. ولكن لا يحدد أيضاً إن كان للمنتسبين الحق بالعودة إلى عبادة الآلهة بعل وعشتروت وأدونيس.
وتمثل الحضارة الفينيقية، في علمي التاريخ والآثار، تاريخ الشعوب التي كانت تقطن المنطقة الممتدة من جزيرة أرواد شمالاً إلى عكا جنوباً، بين 1200 و333 قبل الميلاد وهي مؤلفة من عدد من المدن ــ الدويلات. تتمتع كل واحدة منها باستقلالها السياسي الداخلي، (لأن المنطقة كانت دوماً تحت سلطة إحدى الإمبراطوريات القديمة)، والاقتصادي. فلكل واحدة من هذه المدن ــ الدويلات أسطولها البحري ومقاطعاتها في شتى أرجاء المتوسط وهي في حالة تنافس تجاري دائم في ما بينها. وكان سكان هذه المدن يعرفون أنفسهم على أنهم «صوريون» أو «صيداويون» أو «جبيليون» لا على أنهم فينيقيون. فهذا الاسم كان الإغريق قد منحوهم إياه، واعتمده لاحقاً علماء الآثار للتعريف بسكان هذه البقعة من الأرض. والجدير بالذكر أن علماء الآثار والمؤرخون اعتمدوا على الامتداد الجغرافي والتاريخي، والعرق والمنشأ واللغة والدين قاسماً مشتركاً يوحد سكان هذه المدن ــ الدويلات تحت اسم «الفينيقيين» لأنه لم يكن هناك من اتحاد حقيقي بين سكانها.