الغمز من قناة السياسة الرئاسية الفرنسية غير القائمة على مسافة واحدة من جميع اللبنانيين، والحوار الصادق «من القلب»، بين «حزب الله» وفرنسا البوابة الأوروبية، كانا أبرز ما تخللهما اللقاء الذي جرى أمس بين المرشحة الاشتراكية لانتخابات الرئاسة الفرنسية، سيغولين رويال، وأعضاء لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب اللبناني.اللقاء الذي كان مقرراً في البرلمان، نقل مكانه الى فندق «موفمبيك»، وحضره الى جانب رويال السفير الفرنسي في بيروت برنار إيمييه وعدد من أركان السفارة، كما حضره رئيس اللجنة النيابية النائب عبد اللطيف الزين والنواب السادة: غسان تويني، سليم سلهب، وليد خوري، ياسين جابر، علي عمار ونبيل البستاني وعبدالله حنا.
بعد ترحيب من الزين وتمنٍّ بكل النجاح، ردت رويال بالشكر على فرصة اللقاء، «وخصوصاً أن المجلس النيابي هو مكان الديموقراطية في بلد فريد هو لبنان». وأكدت أن اختيارها بيروت «استند الى الصداقة القائمة تاريخياً بين لبنان وفرنسا، والى كون الأول يعاني اليوم، ولا بد للمعنيين أن يكونوا مفيدين في تحركهم حياله، ليتصالح هذا البلد مع ذاته»، مشيرة الى التظاهرة الشعبية التي جرت في وسط العاصمة أمس. وإذ طلبت من النواب إبداء آرائهم، كان الدكتور وليد خوري أول المتكلمين، متحدثاً عن الانقسام الحاد القائم بين اللبنانيين، مؤكداً أن الحل الوحيد هو قيام حكومة وحدة وطنية. ولفت الى أن كل اللبنانيين أصدقاء لفرنسا، وبالتالي فعلى باريس ألاّ تزج بنفسها في التجاذبات الداخلية، «عليها أن تكون مع لبنان، لا مع فئة، ولا مع عائلة».
وعندما سألت رويال عما يحول دون قيام هكذا حكومة، أجاب خوري: «لأن ثمة من يقول إن فرنسا والدول الأخرى معنا، ويستقوي بذلك على قسم من اللبنانيين»، فعقّب الزين لافتاً الى أن لبنان كله أقليات، والمطلوب الحفاظ على تناغمها ضمن نظام العيش المشترك، مناشداً فرنسا المساعدة. ثم تحدث النائب ياسين جابر، فشكر جهود فرنسا وأوروبا على دورهما في قوة «اليونيفيل»، لافتاً الى الخروق الإسرائيلية وأهمية استتباب الأمن في الجنوب.
وأوضحت رويال أن فرنسا لا تريد التدخل في الشأن اللبناني، وجل ما تريده هو ازدهار لبنان. وسألت: «كيف يمكن التوصل الى حكومة وحدة؟ وأي برنامج يكون لها؟»، مضيفة رداً على سؤال «إن الحوار مع سوريا موضع سجال في فرنسا حالياً بين مؤيد ومعارض، لكن المهم أن يكون الحوار صادقاً شفافاً ومجدياً، كأن يتفق على إقامة المحكمة الدولية، تمهيداً لإعادة دولة الحق في لبنان».
ثم تكلم نائب «حزب الله» علي عمار، فبدأ بالترحيب برويال «بلغة القلب الأقرب الى الحقيقة». وقال «إن فرنسا التي نعرف ونريد هي فرنسا نبراس الحرية والديموقراطية والتحرر في وجه الظلم والتفرّد والاستئثار، فرنسا التواصل بين الحضارات». أضاف «إن لبنان كان مطمعاً لتجاذبات دولية تفتش عندنا عن متنفس لمآزقها، ونحن في قلب منطقة صراع المصالح الدولية». لافتاً الى أن «زرع الكيان الإسرائيلي هنا ككفّارة عما تعرض له اليهود في الغرب جعل لبنان يدفع ضريبة تعويضية عن جرم لم يرتكبه». وتوجّه الى رويال بالقول: «لا حل في لبنان ما لم يحصل حل على مستوى المنطقة. هذا لا يعني أننا نرفض لغة الحوار بيننا، لكن هناك عوائق قسرية لا علاقة لنا بها»، عارضاً سلبيات السياسة الأميركية في العراق والأراضي الفلسطينية وإيران والعالم، وانعكاساتها على لبنان. وأشار الى أن إسرائيل لا تزال تنتهك القرار 1701 كما غيره من قرارات مجلس الأمن، داعياً فرنسا الى «العمل على التحرر من الجنون السياسي لواشنطن، وعلى تحريرنا والمنطقة والعالم منه».
وإذ أعلن اعتزاز فريقه بصداقة فرنسا، أكد استشرافه مستقبلاً زاهراً معها، «لأن ما يجمعنا الكثير، حتى تجربتنا في المقاومة مستقاة من تجربتكم». وأكد أن «حزب الله» ليس في محور سوري أو إيراني، «فهو حزب لبناني، قيادته لبنانية وجمهوره أيضاً، وهو يؤمن بلبنان وطناً نهائياً حراً ديموقراطياً لكل أبنائه، ولا طموح له غير ذلك».
وردت رويال بأنها موافقة على الكثير مما قاله، لافتة الى ضرورة العمل على حل كل النزاعات، لكنها تحفظت عن الموقف من «الكيان الإسرائيلي»، مؤكدة أن إسرائيل دولة قائمة ولها كامل الحق في الوجود. ثم كانت مداخلات لبعض المدعوين، ركزت بدورها على انحياز السياسة الفرنسية الحالية.
اشارة الى أن رويال كانت قد جالت أمس على القوة الفرنسية العاملة ضمن «اليونيفيل» في الجنوب، وعقدت مؤتمراً صحافياً في مقر سفارة بلادها في بيروت، وتغادر بعد غد الى إسرائيل والأراضي الفلسطينية.
(الأخبار)