strong>نادر فوز
حدادة: لا لحكومة يتعايش فيها المقاوم والمساوم على الوطن

عادت الأعلام الحمراء إلى مكانها الطبيعي، في قلب الساحات الشعبية. تجاوزت خلافاتها مع طائفية أحزاب وإقطاعية أخرى، فشاركتها ساحتي الشهداء ورياض الصلح لإسقاط حكومة 14 آذار. ليست حصة الشيوعيين اللبنانيين في الحكومة هي التي دفعتهم للدعوة الى إسقاطها، ولا حتى «ضغوط» حلفائهم الإقليميين، بل هو النظام السياسي برمّته الذي لا مكان فيه للعلمانيين واليساريين. عاد الشيوعيون إلى «الساحة» لطرح رزمة متكاملة من الحلول للأزمات المتكررة منذ قيام جمهورية الطائف. لكنّ هذه المبادرة الجديدة لا تجد الصدى المطلوب، فحجم التحرك «الأحمر» يعجز عن تأمين الحشود «الآذارية» بعيداً عن همّ مزاوجة «كليشيه» الصليب بالهلال والقلنسوة.
من «صيدلية بسترس»، حيث أطلق الحزب الشيوعي الرصاصة الأولى لجبهة المقاومة الوطنية اللبنانية، انطلق الشيوعيون نحو وسط بيروت، لعل هذا المكان الذي بدأ العمل فيه لإخراج القوات الإسرائيلية من بيروت يصبح أيضاً مكان انطلاق مشاركة الشيوعيين في إسقاط حكومة الرئيس فؤاد السنيورة.
عند العاشرة بدأت الحشود بالتمركز في ساحة «جمّول». اختلطت الشعارات السابقة التي عادةً ما ترافق «الرفاق» في اعتصاماتهم وتحركاتهم، كالعلمانية والعدالة الاجتماعية والحرية والديموقراطية والمحاصصة وغيرها، بمطلب إسقاط الحكومة.
جاب الشيوعيون شارع سبيرز والتفّوا حول جسر فؤاد شهاب، مرّوا عبر ساحة الشهداء ووصلوا إلى «رياض الصلح» حيث كان «أصحاب الساحة» بانتظارهم؛ رحّبت قوى المعارضة بـ«الشيوعي» «أحد أعمدة المقاومة بوجه العدو الإسرائيلي» والحزب الذي وقف على الدوام «إلى جانب العمال والفلاحين والطبقة المسحوقة».
بعدما اختلطت الأعلام الحمراء بتجمّع «الأخضر - الأصفر - الليموني»، توجه الأمين العام للحزب خالد حدادة إلى منصة «نحن» ليخاطب «أشرف الناس وشعب لبنان العظيم» ورفاق الشهداء فرج الله الحلو وفرج الله حنين وجورج حاوي «المقاوم الاول شهيد المقاومة الوطنية ومطلق رصاصاتها الأولى»، طارحاً مبادرة الحزب الإنقاذية. وقال: «هذه الحكومة ليست ساقطة فقط بل يجب أن تعاقب لأنها قصّرت في كل المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية وفي امتحانها بشكل خاص، لكنّ ذلك لا يكفي ونؤكد أن ذلك لا يكفي». ودعا حدادة إلى ضمّ جهود المعارضة لبناء لبنان الوطن بديلاً للبنان المزارع والطوائف وإمارات الفاسدين، لافتاً إلى تمترس الطوائف والأحزاب وراء «فقراء لبنان من المذاهب التي يصادرونها باسم مصلحتها». وقال «يجب بناء وطن مشابه لتركيبة الحزب الشيوعي حيث لم تعد الطوائف والمذاهب خلافاً»، داعياً الى بناء وطن يكون فيه «لبنانيون فعلاً، مقاومون فعلاً وليس جمعاً كمياً لمسيحيين ومسلمين شيعة وسنة ودروز، نريد لبنان تجمعاً للبنانيين مهما تعددت انتماءاتهم». وطالب الشباب بالضغط على قياداتهم من أجل تغيير جذري لما يعانونه اليوم من الهجرة والبطالة التي تدفعهم إلى «التزلم على أبواب الأمراء والزعامات الطائفية والمذهبية». ورأى أنّ الأزمة الحالية التي يمر بها لبنان يمكن معالجتها عبر حلّ متوازن للأزمات الدستورية الثلاث، أزمة رئاسة الجمهورية وأزمة الحكومة وأزمة مجلس النواب، بتأليف حكومة انتقالية، لا حكومة يتعايش فيها المقاوم والمساوم على الوطن».
وأوضح حدادة “أن الحكومة الانتقالية يقع على عاتقها إقرار قانون عصري للانتخابات، يقوم على النسبية خارج القيد الطائفي وعلى أساس الدائرة الواحدة”. كما على هذه الحكومة «وضع شروط انتقال البلد الى حالة اللاطائفية عبر تأليف الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية»، لتحضّر بذلك «الأجواء لبناء وطن كله مقاومة وسيد وحر ومستقل ويواجه العربدة الأميركية في الشرق الأوسط». وأعلن أن الحزب سيعلن لاحقاً عن تحركات قريبة.
وبعد انتهاء حدادة من كلمته غادر الشيوعيون مع قادتهم الساحة.