فاتن الحاج
استبقت عفوية طلاب معهد الفنون الجميلة ــ الفرع الأول في الجامعة اللبنانية البرنامج الجامعي المنتظر في ساحة رياض الصلح. حمل الطلاب أمس «شحناتهم» وعدّتهم الفنية إلى حديقة جبران خليل جبران. هناك نصبوا خيمتهم وأطلقوا على طريقتهم العنان للرسم الحر المباشر. وقد دفعهم الإيمان بشفافية الأطفال في نقل أفكارهم إلى إشراكهم في التعبير، فشكلت صفحات «الجرايد» خلفية العمل ليبرز التناقض بين «شغل» الأطفال و«شغل» السياسيين، كما قال الطالب في السنة الثالثة، هندسة داخلية، محمد نور الدينلكنّ «خرطشات» الأولاد لم تعكس التفاؤل المتوقع. وبدا التشنج واضحاً في تصوير العلم اللبناني بألوان أحزاب المعارضة «الأخضر، الأصفر والليموني». فالطفلة رنا حماد ترسم علم لبنان «لتستقيل الحكومة التي تدافع عن اليهود»، وملاك زهر الدين تجسد «السنيورة يقصف على علم لبنان». وقد عُلّقت الرسوم بواسطة «الملاقط»، قبل أن تجمعها الطالبة في المعهد نيكول يونس للاحتفاظ بها. وخصص الطلاب المنظّمون قماشاً أبيض سرعان ما امتلأ بعبارات الغضب «إذا الشعب يوماً أراد الحياة، فلا بد أن يستقيل فؤاد، واحد قهوة واحد شاي يا سنيورة باي باي».
أما طلاب المعهد فعبروا في معرض «ع طريقتنا» عن رفضهم للحكومة، فزهراء يحيى اعتمدت الأخضر والأحمر في العلم اللبناني واستبدلت الأبيض بألوان المعارضة. وقد فرضت خيام سليمان صبيح الزرقاء حصاراً على السرايا، والكنيسة في لوحته لم تعد للمسيحيين فقط. وتخترق «الشرائط» الصفراء والخضراء والبرتقالية، بقعة المياه الزرقاء التي ترمز إلى حكومة السنيورة، بانتظار الشمس التي لم تشرق بعد في لوحة أحمد الحاج حسن.
ولخريجي المعهد فسحة في المعرض، فرشا حطيط استغنت بالأبيض عن الألوان التي «استأثرت» الأحزاب بها، فلم تترك أي لون للبنان على حد تعبيرها. وضمت اللوحة «البيضاء» ثلاث نقاط للترقب، ووجهاً يفكر في المستقبل. أما المتخرّج فؤاد شهاب فلم يرسم بالأمس، لكنه ينوي المشاركة عبر لوحة تنشر غسيل سياسة النفاق. فالفنان، كما قال يدفع ثمن التلوين دماً، وطلاب الفنون اختبروا تجربة التعبير الحي المباشر في مناسبات عدة كان آخرها خلال العدوان الأخير. والفنانة خيرات الزين أعلنت هي أيضاً أنها ستشارك «لأننا لسنا في نزهة، بدنا نعيش، بدنا نفرح».
وحضر الأستاذ في المعهد سامي كنعان ليؤازر طلابه، فقال «إنهم يترجمون هيجاناً عاطفياً ويواكبون على طريقتهم الحدث»، مرجّحاً توسيع النشاط ليشمل مداخل الساحات، وتجسيد أعمال جدارية كبيرة.
الثالثة والنصف، جمع الطلاب اللوحات تمهيداً لعرضها أمام الخيمة، كما ينوون عرض القماش المذيّل بالتعليقات على السياج المقابل للسرايا، على أن يستأنفوا نشاطهم أيام الجمعة والسبت والأحد، بالتنسيق مع المنظمات الشبابية والطالبية.