أنطوان سعد
كان لافتاً أن يكون التيار الوطني الحر في طليعة من أثنوا على ورقة ثوابت بكركي المعلنة الأربعاء الماضي، علماً أن العماد ميشال عون كان من أبرز المطالبين بمثل هذه الورقة منذ نحو شهرين على الأقل. ولم يكتف التيار الوطني الحر بالإشادة بها بل ساهم، على ما تفيد الأوساط المطلعة، في تشجيع القوى المعارضة المتحالفة معه على أن تعلن تجاوبها مع ورقة الثوابت، وبخاصة الوزير السابق سليمان فرنجية الذي كانت له مواقف تدعو للأسف في مطلع اعتصام المعارضة في ساحة رياض الصلح.
وفي هذا الإطار، لا بد من الإشارة إلى الزيارة التي قام بها وفد من كتلة نواب «حزب الله» إلى البطريرك الماروني مار نصر الله بطرس صفير لإعلان تأييده المبادرة البطريركية غداة خطاب الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله الذي وجّه بدوره رسالة إيجابية في اتجاه بكركي.
وتعتقد الأوساط نفسها أن «حزب الله» رمى من خلال خطوته هذه الى تعويم رصيد العماد عون لدى البطريركية المارونية والقواعد الشعبية المسيحية، بعد ما أشيع أخيراً عن تراجع التأييد المسيحي له، تماماً كما عندما بث تلفزيون «المنار» مباشرة على الهواء، للمرة الأولى منذ تأسيسه، وقائع القداس الذي رأسه رئيس أساقفة بيروت المطران بولس مطر في الثالث من كانون الأول الجاري.
ولا بد من الإشارة أيضاً إلى أنها المرة الأولى التي يتجاوب فيها العماد عون إيجابياً، وفي شكل علني، مع مبادرة قام بها البطريرك صفير منذ «الأسماء الخمسة» التي حملها سيد بكركي للسفير الأميركي جون مكارثي في تشرين الثاني 1988، مروراً بمحاولات جمع المتقاتلين إبان الحرب في المنطقة الشرقية ووصولاً إلى إعلان لقاء قرنة شهوان، إلى ما سوى ذلك من مبادرات خرجت من الصرح البطريركي. وفي الواقع، لم تلتق بكركي مع العماد عون إلا ظرفياً وفي شكل محدود في مقاطعة انتخابات 1992 وفي مواجهة الهيمنة السورية ورفض ما رافق الانتخابات النيابية ربيع العام الماضي.
وتأتي مواقف التيار الوطني الحر إزاء بكركي في سياق منحى بدأه العماد عون غداة انتقاده البطريرك صفير والمطارنة الموارنة على خلفية البيان الصادر مطلع تشرين الأول الماضي، الذي تخوف من أن تكون وراء المطالبة بتوسيع الحكومة نية إفشال المحكمة الدولية. وقد دخلت على خط العلاقة بين البطريرك والعماد شخصيات مستقلة قريبة من بكركي شرحت لرئيس «التيار الوطني الحر» خلفيات موقف المطارنة الموارنة الذين أخذوا على عاتقهم أيضاً إعداد وثيقة الثوابت لتبديد كل الالتباسات في شأن موقف الكنيسة المارونية من المسائل المطروحة على بساط البحث.
وبعد الزيارتين اللتين قام بهما العماد ميشال عون إلى بكركي في الآونة الأخيرة، بدا كأن المساعي نجحت وأنه بالفعل تحققت «الفرصة الجدية للتقارب بين البطريرك صفير والعماد عون»، على ما ذكرت «الأخبار» في حينه.
وفي اعتبار مسؤول الاتصالات السياسية في التيار الوطني الحر جبران باسيل، أن العلاقة بين بكركي والرابية جيدة جداً وخصوصاً بعد «ورقة الثوابت البطريركية التي أضحت إنجيلنا السياسي»، مضيفاً: «نعتبر أنفسنا اليوم رسلاً لهذه الوثيقة ضمن طائفتنا وضمن اللبنانيين. لقد أجمع لبنان في لحظة طائفية بغيضة على ثوابت الكنيسة المارونية، وهذا دليل آخر على أن سيد بكركي هو في الموقع الوطني وأنه مستحق لشعار مجد لبنان أعطي له. وقد وضعت بكركي على الطاولة السياسية، في اللحظة الحرجة، مبادرة تحشر الجميع وخصوصاً من لا يكفّون عن القول إنهم تحت سقف البطريركية المارونية، داعيةً إلى الاستجابة لطرح متوازن يحفظ حقوق الجميع».
ورداً على الانتقادات الموجهة إلى «التيار الوطني الحر» بضرورة الخروج من الشارع إذا كان حقيقة مؤيداً للمبادرة البطريركية، قال باسيل: «إن الدعوة للانسحاب غير موجودة في ورقة الثوابت. والشارع في الأساس ليس الحل وإنما وسيلة ضغط من أجل الحل. نحن ملتزمون الثوابت التي نصت عليها الوثيقة وفي مقدمها تحقيق المشاركة لجميع اللبنانيين في إدارة شؤون بلدهم. المشكلة في أن الطرف الآخر لم ير الحشود التي تطالبه بتحقيق التوازن في السلطة ولم يتجاوب مع المبادرات العربية. إذا أصرت الأكثرية على رفض حكومة الوفاق فسندعو إلى تأليف حكومة المستقلين التي نصت عليها ثوابت بكركي وإذا بقيت على رفضها فعندها لا مناص من طرد التجار من الهيكل».