الدوحة ـــ الأخبار
بصرف النظر عن الخاسر أو الرابح السياسي، فإنّ مصير الاستثمارات في «سوليدير» مطروح ومستخدم في الأزمة السياسية الحالية. ولا يزال وسط بيروت التجاري مسرحاً أساسياً للمتظاهرين والمعتصمين من طالبي «الوحدة الوطنية»، كما كان في 14 آذار 2005 لـ«ثورة الأرز». وتبرّر المعارضة تعطيلها غير المقصود للحياة الاقتصادية بأنه «وجع ساعة ولا كل ساعة»، فيما تستخدم الموالاة خسائر «سوليدير» حجة للقول بأنها «عمّرت البلد وثمة من يجعله خراباً».
ويرى أحمد جاد، المحلل في المجموعة المالية المصرية «هيرمس» التي أجرت في وقت سابق من هذه السنة عملية ترويج لنحو خمسة ملايين سهم من إجمالي أسهم شركة سوليدير في طرح خاص، أن «حلاً توافقياً يوفر عودة الثقة الى لبنان كوجهة عقارية أساسية».
كما يعتبر مدير الاستثمار في بيت «أبو ظبي للاستثمار» علي محمود في رده على سؤال عن مصير مشروع «بوابة بيروت»: «الوضع السياسي طاغ وهو كثير التعقيد ونحن لا نريد ان نكون جزءاً من هذه التعقيدات والتوترات السياسية». وكان بيت أبو ظبي للاستثمار أعلن في 29 تشرين الثاني بيع قطعة أرض لشركة «ستار بروبرتي إند توريست ديفلوبمنت» في صفقة بلغت 30 مليون دولار أميركي من ضمن مشروع «بوابة بيروت» الذي يضم 7 قطع أرض على مساحة 178.500، بتكلفة تصل الى مليار دولار. ولم يعرف بعد مصير المرحلة الأولى للاكتتاب وسعي الشركة الى جمع مبلغ 160 مليون دولار أميركي، وأيضاً مصير الحملة الترويجية للمشروع. ويشار الى ان الشركة أعلنت ان نسبة العائد المتوقع على الاستثمار خلال 18 شهراً، تنتهي في حزيران المقبل، 37.5%. أما دراسة استثمار جديد فتترك للأيام المقبلة، علماً ان بيت أبو ظبي للاستثمار كان يدرس خوض تجربة استثمارية أخرى في لبنان وفي غير قطاع العقارات.
فهل يشكل التفاؤل بمستقبل الاستثمار في سوليدير التي شكلت وجهة عقارية أساسية في لبنان، خرقاً للواقع؟ وكيف يمكن رؤية «سوليدير» وفرص الاستثمارات فيها من الخارج؟
تقول مصادر شركة خليجية معنية كانت تتفاوض مع إدارة سوليدير بهدف شراء عقارات بأكثر من 60 مليون دولار أميركي ان هذه المفاوضات مستمرة، لكنها لم تفصح عن مضمونها لجهة سعر المتر الواحد وعن مدى إمكان تأثره سلباً بالتطورات السياسية، وخصوصاً ما يتصل منها بالمعتصمين في الوسط التجاري.
وفي الإطار نفسه، يستحضر جاد نتائج «الحل التوافقي»، ويعتبر انه «سينعكس إيجاباً بمجرد ان يحصل وتستقر الأوضاع بصرف النظر عن الرابح السياسي أو الخاسر إن في المعارضة وإن في الموالاة». ويستعين جاد لنظريته بأسعار المبيعات العقارية مشيراً إلى أنه لم يلحظ أي «مبيعات لعقارات في سوليدير بأسعار بخسة. فهناك ثبات في الأسعار ولم يتغير أي من المشاريع التي أعلن البدء بها، ما عدا واحداً لم يلغ عقد الشراء بل أجّل زيادة رأس المال الخاص بالمشروع».
وكان سهم سوليدير تراجع في شهر تشرين الثاني الماضي بنسبة 15.65% للفئة (أ) و16.45% للفئة (ب)، واليوم تراوح قيمة السهم من الفئتين بين 15 و16 دولاراً. ويربط جاد هذا الأمر «بسوق العقار في لبنان الذي لا يزال وجهة استثمارية تترقب استقرار الأوضاع السياسية، ومع مرور الوقت ستعاود قيمة الأسهم الى الوضع الذي كانت عليه قبل فترة الحرب».
يذكر ان هذا التفاؤل مدعوم فقط بخسائر المؤسسات المستثمرة في سوليدير منذ 14 شباط 2005 بعدما قفل نحو 35 منها، وبالرهان على حل سياسي توافقي.
ولكن بالنسبة إلى جاد فإن لوجهة النظر هذه مبرراتها على المستوى الاستثماري يشرحها باختصار: «السوق العقارية في لبنان قوية بسبب استمرار القدرة الشرائية للمستثمرين العرب الذين يشكلون المستهلك الأساسي في أسواق العقارات، وبقاء لبنان وجهة استثمارية سياحية جاذبة للعرب بشرط استقرار الأوضاع السياسية».
وفي السياق نفسه، كانت شركة «ليفانت القابضة» التي أسستها كل من شركة «ثروات» وشركة «الداو للاستثمار» برأس مال 410 ملايين دولار أميركي، والتي اشترت بدورها 99% من شركة «القرية الفينيقية»، وهو ثاني مشروع عملاق في وسط بيروت (205700 متر مربع)، قد أوقفت الاكتتاب العام الذي كانت تجريه لزيادة رأس مالها عبر إصدار مليار و190 مليون سهم، وأعادت الأموال المكتتب بها وذلك إثر فترة الاعتداءات الاسرائيلية على لبنان.
وتنتظر اليوم فترة «الاستقرار السياسي» لأنه بحسب رأي خبراء «من الصعب الاستمرار في عملية زيادة رأس المال في ظل ظروف كهذه». وتقدر القيمة الاجمالية للمشروع بنحو مليار و311 مليون دولار أميركي، ويبلغ العائد المتوقع والمعلن على الاستثمار 25% على مدة خمس سنوات.