مسـؤوليات الحرب
  • نقولا الشدراوي

    لا يمكن أي طرف لبناني التنصل من مسؤولية الوضع الراهن، موالياً كان أو معارضاً. الجميع مسؤول عما وصل البلد إليه من دمار وخراب، والمسؤولية نسبية ولا شك. لذا، إذا كان لا بد من حساب، فيجب تحميل الجزء الأكبر منها لمن بيدهم السلطة والقرار.
    إذا لم يكن عند المسؤولين تصوّر معيّن لكيفية تحقيق حماية البلد، فما عليهم الا الانسحاب وإفساح المجال للآخرين القادرين على هذا الأمر.
    لقد كان ضرورياً مثلاً، أن يُصار إلى التوافق داخل الحكومة على تجميد العمليات في الجنوب، ريثما يتم التوصل على طاولة الحوار إلى اتفاق معيّن على الاستراتيجية الدفاعية التي ينبغي اعتمادها تجاه العدو الإسرائيلي.
    إضافةً إلى ذلك، كان يمكن للحكومة استثمار علاقاتها الجيدة مع الولايات المتحدة من أجل ردع إسرائيل عن توسيع نطاق ردّها على عمليات محتملة للمقاومة، أو من أجل استرجاع بقية الأسرى اللبنانيين من السجون الإسرائيلية وتفادي ما حصل، وإلاّ فما نفع تلك العلاقات؟ وما جدوى تلك الزيارات التي قام بها رئيس الحكومة وصاحب الأكثرية النيابية إلى البيت الأبيض؟
    إن على رجل الدولة الموجود في السلطة أن يتحسّب لجميع الاحتمالات الممكنة، ويستبق وقوع المخاطر، ويتخذ كل الإجراءات للحؤول دون حصولها فعليّاً.
    أما بعد وقوع الواقعة واندلاع الحرب، فما كان عليكم في الحكومة سوى التلويح بالاستقالة في وجه مَــــــــــن يدّعي الغيرة والحرص على حكومة لبنان الديموقراطية. وهذا للأسـف ما لم يفعلوه، لأن لديهم أن حب السـلطة يطغى على حب الوطن.
    وقـــــــــــد بات من حــــــــــق المواطن اللبناني أن يتساءل عمّا فعلتم خلال عامٍ كاملٍ مضى أو يزيد.
    فلا موازنة سنوية أقررتم، ولا قانوناً للانتخاب أنجزتم، ولا جرائم التفجير والاغتيالات كشفتم، ولا حدوداً للوطن حميتم، ولا جسـوراً للتواصل بنيتم، ولا بصيصاً للنور تركتم، لذا فالأفضل أن تفسـحوا المجال لغيركم.

    «حدائق الشيطان»

  • وليد الشعار

    أطل علينا مسلسل «حدائق الشيطان» في شهر رمضان المبارك، وقد أسرنا من خلال قصة محبوكة قريبة من واقعنا العربي، وأداء ممثل أبدع في لعب دورٍ أتقنه الساسة الكبار.
    «مندور أبو الذهب» اسم يوحي أنه ملائمٌ لإطلاقه على من قبض على أنفاسنا في هذا السجن العربي الكبير. كم هو مطابقٌ لرجال المال والسلطة الذين ورثوا العروش والبلدان والشعوب والمناطق والإقطاعيات والتجارة عن آبائهم وأجدادهم، وعاثوا في الأرض فساداً، وتسلطوا على العباد قهراً وطغياناً.
    إلا أنه في الحلقة رقم 31 (الأخيرة) ظهر لنا أننا ظلمنا «مندور»، فهذا المتسلط قد عرف في نهاية الأمر أنه كان على خطأ وحاول تصحيح ما يمكن إصلاحه، لقد أدرك أن الظلم الذي مارسه في حياته قد جعل منه ضحية لأفعاله.
    «مـــــــــنــــدور» صحا ضـــــــــــمــــــــــيره بعـــــــــــــد حين، لكن «مـــــــنــــــــــــادير» الواقع قد باعوا ما لديهم من ضمير.
    شكراً مسلسل حدائق الشيطان، لا لأنك عرفتنا بما ما نعرف، بل لأنك أعطيتنا بصيص أمل بأن القيادات الشابة الواعية والصلبة الإرادة قد تحظى بفرصة، وقد تكون أثرت في واحد من هؤلاء المتسلطين ليأخذ عبرة.
    وأخيراً ألف شكرٍ لأنك أظهرت للناس الخائفين القابعين في الطاعة التامة والمستسلمين للطغاة، أن «الغولة» ما هي إلا خدعة، وأنهم إذا ما تجمعوا وعقدوا العزم استطاعوا.