وفاء عواد
مستنداً الى الدستور، وتحديداً الى الفقرة (ي) من مقدّمته التي تنصّ على أن «لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك»، يؤكّد الوزير والنائب السابق مخايل الضاهر، أن تغيّب طائفة كاملة عن المشاركة في مجلس الوزراء يعني أن «لا ميثاق مشتركاً.. وبالتالي، لا شرعية لهذه الحكومة».
وفي قراءة لفقرات مقدّمة الدستور، وصولاً الى المادة (95) منه، التي تنصّ على أن «تمثل الطوائف بصورة عادلة في تشكيل الوزارة»، في المرحلة الانتقالية (أي حتى تحقيق إلغاء الطائفية السياسية)، يشير الضاهر الى أهمية التمثيل «العادل»، بعيداً عن لعبة «سدّ الفراغ»، كاحتمال لإيجاد المخرج بتوزير 5 وزراء شيعة، قد يكونون «لا يمثلون الطائفة، فعلاً»، فضلاً عن العقبة السياسية دون هذه الخطوة، والمتمثلة في حاجتها الى توقيع رئيس الجمهورية. وانطلاقاً من كون النظام في لبنان «ديموقراطياً توافقياً»، نفى الضاهر في حديث الى «الأخبار» أن تكون القضية «قضية أصوات».
وعن كون قرار مجلس الوزراء، إذا اتُّخذ في الجلسة المرتقبة اليوم، بشأن الموافقة على مشروع قرار المحكمة الدولية، صالحاً من الناحية الدستورية، شدّد الضاهر على «لا دستورية» الجلسة، بناءً على سببين:
1ــ تكوين الحكومة مخالف للفقرة (ي) من مقدّمة الدستور، «فهي غير دستورية لأنها تناقض ميثاق العيش المشترك».
2ــ الجلسة مخصّصة للنظر في مشروع قرار المحكمة الدولية، وهو ما يتعارض مع المادة (52) من الدستور، التي تنصّ على أن «يتولّى رئيس الجمهورية المفاوضة في عقد المعاهدات الدولية وإبرامها بالاتفاق مع رئيس الحكومة. ولا تصبح (أي المعاهدات) مبرمة إلا بعد موافقة مجلس الوزراء. وتُطلع الحكومة مجلس النواب عليها حينما تمكنها من ذلك مصلحة البلاد وسلامة الدولة».
وفي هذا الإطار، تساءل: «هل في استطاعة أيّ كان إبرام مسودة؟»، جازماً: «لا يجوز أن يضع مجلس الوزراء يده على مسودة».
وبناءً عليه، أشار الضاهر الى أن كل ما سيصدر عن جلسة مجلس الوزراء اليوم، سيكون «غير قانوني»، وأي قرار سيتخذ حيال المسودة سيكون «مخالفاً للدستور»، لافتاً الى أن أي قرار يصدر عن السلطة الإجرائية «يمكن الطعن فيه أمام مجلس شورى الدولة»، أما القوانين التي تصدر عن مجلس النواب «فيكون الطعن فيها أمام المجلس الدستوري».
ورداً على سؤال عن استقالة الوزير، وهل تعدّ نافذة أم لها إجراء آخر، أكد الضاهر أن الاستقالة «نافذة»، إلا إذا رجع عنها الوزير المعني، خصوصاً «إذا لم يقبلها رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، صاحبا الحق في التعيين، وإذا أصرّ الوزير على استقالته يبقى مستقيلاً»، مع أن رفض رئيس الحكومة للاستقالة هو «رفض معنوي».
وتلاقياً مع قراءة الضاهر، أشار رئيس مجلس شورى الدولة السابق، القاضي الدكتور يوسف سعد الله الخوري، الى أن الاستقالة «تدبير يتخذه صاحب العلاقة بملء إرادته. وحتى تصبح نافذة قانونياً، يجب أن تقبل من صاحب الصلاحية»، مستنداً الى القاعدة التي تحتّم «اقتران قبول الاستقالة بمرسوم يوقّعه رئيسا الجمهورية والحكومة».
وفي هذا الصدد، يضيف الخوري: «رئيس الحكومة ليس المرجع الوحيد المختص لقبول الاستقالة أو رفضها، وهو لا يبتّ فيهما نهائياً»، استناداً الى مبدأ «التوازي في الشكل والصلاحيات» في روح المادة (54) من الدستور، التي تنصّ على أن «مقرّرات رئيس الجمهورية يجب أن يشترك معه في التوقيع عليها رئيس الحكومة..».
أما لماذا لا يستمر الوزير في مهماته حتى قبول الاستقالة «التي لا تصبح نهائية إلا بعد قبولها»، فيلخّص الخوري هذا الأمر بكون «الوزير ذا وجه سياسي (المادة 66 من الدستور)، ومهماته ذات طابع سياسي، فهو ليس موظفاً محكوماً بقواعد الوظيفة. وبالتالي، هو لا ينتظر حتى قبول الاستقالة».
أما استقالة وزراء من الطائفة الواحدة، أو من عدة طوائف، فإنها «لا تعني أن الحكومة فاقدة شرعيتها القانونية، فلا إجراء من دون نص.. فالمهم أن لا يستقيل أكثر من الثلث». لكن الأمر يدخل كما يراه الخوري في إطار «التمسك بالوحدة الوطنية».
وعن جلسة مجلس الوزراء المقرّر انعقادها اليوم، أكّد الخوري أن الاجتماع للنظر في قضية المحكمة «مخالف لأحكام الدستور.. وهو يفقدها الشرعية الميثاقية الوطنية»، خاتماً بالقول: «حرام أن تكون بوادر المحكمة، التي نريدها جميعاً وهي متعلّقة بجوهر استقلال لبنان، مخالفة لأحكام الدستور بهذا الشكل.. فالرئيس لحود هو رئيس البلاد، شئنا أم أبينا»، أما القفز فوق الصلاحيات فهو «مخالفة فاضحة للدستور».