عمر نشابة
ذكّر التوتر الأمني ليل أول من أمس أبناء بيروت بالمرحلة الأليمة من الماضي أيام فقدت المدينة عدداً كبيراً من أهلها ودمّر جزء منها نتيجة تناحر وتعارك العصابات و “عناصر غير منضبطة” تابعة لأحزاب وتنظيمات “وطنية”. إذ شاهد سكان أحياء المزرعة والطريق الجديدة وبربور شباباً باللباس المدني يشهرون سلاحاً حربياً ويطلقون الهتافات الطائفية والمذهبية وعبارات التحقير والذمّ بحقّ مسؤولين سياسيين ومقامات روحية.
ينتمي المتعاركون ليل اول أمس الى مجموعة من “أمل” من جهة و“المستقبل” من جهة أخرى، لكن كلاهما سيصرّحان على الارجح بأن لا علاقة لهما بما حصل وأن مناصريهما في منأى عن مخالفة القانون، لا بل إنهم يتمتعون بمستوى رفيع من الأخلاق والتهذيب والاحترام... وإذا تبيّن بشكل فاضح أن أحد المتعاركين ينتمي إلى “الحركة” أو “التيار”، يصدر بيان للتوّ يؤكّد أن فلاناً وفلاناً هم “عناصر غير منضبطة”. وكأن كونهم غير منضبطين يعفي الجهة السياسية التي ينتمون إليها من المسؤولية...
اتفقت أخيراً جميع الجهات السياسية في البلد على أن هناك انقساماً سياسياً حاداً. بينما تصل تصريحات بعض المسؤولين إلى درجة عالية من التوتر. وينعكس ذلك على مناصريهم والمحازبين. وتتحوّل المشاكل الفردية وحتى المشاجرات العائلية إلى صراعات سياسية وطائفية ومذهبية كما حصل أوّل من أمس... ويستغلّ “الزعران” الوضع المتوتر ليزيدوا الاحتقان باستخدام العنف والتجريح والإهانة والكره الطائفي.
وتنتشر الشائعات ويعمــل المستفيــدون من خراب البلد على دفع المشاغبين إلى مزيد من العنف والاحتقان والكراهية وصبّ الزيت على النار...
لماذا لا تُحاسب القوى السياسية التي ينتمي إليها هؤلاء الزعران؟ ولماذا تتكرّر هذه الحوادث بين الحين والآخر من دون أن تحسم القوى الأمنية اللبنانية الموقف على الأرض بشكل نهائي بما يقتضيه القانون؟ ومن سيعوّض بدل الأملاك الخاصّة المتضرّرة بما فيها السيارات والمحال التجارية والأملاك العامّة المتضرّرة بما فيها الرصيف والطريق والفاصل بين خطّي الكورنيش والأشجار من جرّاء هذا العراك؟