عامر ملاعب
شهدت وزارة المهجرين أمس إحدى محطات الرحلة الطويلة لقطار العودة، إذ جمعت في أروقتها وفي مكتب الوزير، عدداً من المقيمين والعائدين من قرى كفرمتّى وعبيه والبنية وعين درافيل في منطقة الشحار الغربي يحدوهم أمل واحد: إنهاء الملف بأسرع ما يمكن مع تحسين مكتسبات الأهالي وحقوقهم.
طغت قيمة التعويضات على ما عداها. وبرز تحالف المقيمين والعائدين جلياً عند نطقة رفع سقف التعويض من ثلاثين مليون ليرة على اعتبار هذا الرقم لا يبني منزلاً بعد ارتفاع أسعار مواد البناء. وحضرت بقوة مسألة تعويضات الجنوب، بالمقارنة على الأقل.
وأوضح الوزير نعمة طعمة النقاط المتعلقة بذلك في كلام رئيس الحكومة اول من أمس. وبعد تكرار المطالبة، اندفع النائب فؤاد السعد إلى تبنّي المطالب واعتباره «محقاً» ووعد بالعمل على ذلك. من جهتهم، وجّه الأهالي انتقادات لناحية تأخير الملف وما يشوبه من عيوب في التقنيات الإدارية من قبيل الفروع والأصول، ومن يحق له التعويض، وبعضهم قد رمم منزله، والخوف من أن تطالبهم الدولة بالمستحقات السابقة بمفعول رجعي عن الكهرباء والمياه، وأن ذلك يجب أن يبدأ بعد إتمام المصالحة وعودة المهجّرين.
كثيراً ما تردّدت عبارة أن الأموال ستدفع من ضريبة الدولة لا من مال الهبات. وهذا أيضاً يبرّر خوف الناس وقلقهم وتساؤلهم عن موعد الدفع، ليوضح رئيس الصندوق المركزي للمهجرين فادي عرموني أن الأموال غير متوافرة بالكامل للمنطقة لكن الدفع سيبدأ فور تأليف اللجان.
بعد هذه الاجتماعات، قال الوزير طعمة: «أرى أن الاجتماعات التي عقدت اليوم هي مهمة وتاريخية لأنها ستضع المدماك الاول في مسيرة اعادة بناء النسيج الاجتماعي الاهلي المختلط في بلدات الشحار الغربي بعد غياب استمر سنوات، وذلك للاسباب الآتية: أولاً، عدم نضج الظروف النفسية ووجود بعض العقد، وهذا كان في فترة زمنية معينة، والحمد لله أن هذا السبب ذلل بعد زيارة غبطة البطريرك صفير للجبل واللقاء التاريخي الذي عقد في المختارة مع الزعيم وليد جنبلاط عام 2001، وبعدما توصل الجميع الى الاقتناع بأنه لا مفر من طي صفحة الماضي والتعالي على الجروح وتحقيق العودة الناجزة لإخوتنا المهجّرين لإعادة اللحمة وتعزيز مسيرة العيش المشترك التي لا يقوم بدونها الوطن والجبل الذي هو قلب الوطن. وكذلك لأنه حق أقرّه دستور الطائف، وتنفيذ العودة شرط اساسي لتعزيز مسيرة السلم الاهلي. ثانياً، عدم توافر الامكانات المالية التي كانت تتوافر متقطعة».
وتابع طعمة «أما اليوم فنحن لدينا التزام شفهي وخطي من الدولة، أن الأموال سوف تبدأ بالورود إلى الصندوق ضمن جدول زمني شهري. والمطلوب منا اليوم مباشرة العمل لتكوين ملف المصالحة من خلال تأليف لجان في الأمكنة التي ليس فيها لجان، وتثبيتها، ثم إصدار قرار رسمي بشأنـــــها والبدء بالكشوف الميدانية المشتركة بين الوزارة والصـــندوق، بالتنسيق مع اللجان، وهي التي تتحمل المسؤولية المعـــــنوية والمـــــادية من خلال وضع اســـماء المســــتحقين».
وردّاً على سؤال عن موضوع زيادة المبالغ وتوحيد المعايير، قال الوزير طعمة: «إن المال الذي يدفع للمهجرين والمصالحات هو من خزينة الدولة ومن الضرائب التي يدفعها المواطن اللبناني ومن الموازنة. أما الاموال التي ستدفع للمتضررين من العدوان الاسرائيلي فهي مال هبات من الأشقاء والأصدقاء».
ورداً على سؤال «الأخبار» عن الحركة المعترضة التي شهدتها بلدة كفرمتى على خلفية إتمام المصالحة في المختارة من دون حضور أهالي الضحايا، وفي ظل تهميش القوى السياسية الأخرى في البلدة، قال طعمة إن الوزارة مستعدّة للتنسيق مع الجميع، لكن دون الإشارة إلى آلية هذا التنسيق. الأمر الذي يطرح جدية إتمام ملف المصالحة في كفرمتى في الوقت الذي لم يقف احد بعد عند رأي أقرباء أكثر من مئة ضحية في جريمة الحرب التي ارتكبت في البلدة عام 1982.