قال الرئيس عمر كرامي إن على فريق 14 شباط ألّا يبقى مستأثراً بالحكم ورافضاً مبدأ المشاركة، مبدياً تخوفه مما هو آت وخصوصاً بعد الدمار والخراب اللذين خلّفهما العدوان الاسرائيلي على لبنان
ابراهيم عوض

يبدي الرئيس عمر كرامي أمام زواره تخوفه مما هو آت والذي يحمل معه استحقاقات داهمة لا بد من مواجهتها بحكومة اتحاد وطني تنقل جو الاحتقان السياسي السائد من الشارع الى داخل مجلس الوزراء، موضحاً أن الغاية من دعوة اللقاء الوطني اللبناني الى مثل هذه الحكومة ليست إسقاط الحكومة بل الحرص على إشراك الجميع في تحمل المسؤولية، خصوصاً القوى الحائزة ثقة الغالبية من ابناء طائفتها ومنهم العماد ميشال عون وتيارهويلفت كرامي، وهو يمسك بمسبحته داخل صالون منزله في بيروت، الى أن شكوى الفريق المسيحي المنتـــــــمي تحــــديداً الى الطــــائفة المارونية من تراجع دوره وإضعاف موقعه آخذة في التعاظم، في ظل «الحصار» المفروض على رئيس الجمهورية العماد اميل لحود، الذي نجم عنه تقدم مــــلحوظ لشريكيه في الحكم، كما بدا ذلك واضحاً في حركة الوفود العربــــية والاجـــــنبية التي زارت بيروت إبان الحرب الاسرائيلية على لبنان.
ويوضح كرامي أن دعوته الى حكومة اتحاد وطني «لا تعني إطلاقاً إقصاء فريق 14 شباط بل الحض على تطبيق مبدأ المشاركة في الحكم، اذ لا يمكن ان تستقر الامور اذا بقي فريق مستأثراً بالسلطة متعمداً إلغاء الآخرين، وما يعني ذلك من اهتزاز في روح الوفاق الوطني».
وعن رأيه في دعم الرئيس نبيه بري الحكومة الحالية اكتفى بالقول ملوحاً برأسه: «لم اعد أفهم ما يريده بري».
ولا يستبعد كرامي اذا ما استمر الوضع على ما هو عليه من تخبط وسجال سياسي محتدم، أن يشهد الشارع تحركات شعبية تنطلق من صراخ الذين فقدوا منازلهم ومتاجرهم ومصانعهم جرّاء العدوان الاسرائيلي، ومن ضيق ذات يد الباحثين عن مقاعد دراسية لأبنائهم.
ويرى كرامي هنا، أن أحد أبرز اهداف الحرب الاسرائيلية على لبنان هو توجيه ضربة موجعة الى الداخل اللبناني، بحيث تتفاقم معها المشاكل الانسانية والاجتماعية والاقتصادية والمالية، مشيراً الى أن تركيز الضربات الاسرائيلية على المناطق ذات الغالبية الشيعية دون غيرها متعمّد بغية ايجاد شرخ بين حزب الله وقاعدته الشعبية.
ويبدي كرامي اعجابه الكبير ببـــــطولات المــــــقاومة وطــــريقة مواجهتها للعدوان، كما ينوه بأداء مسؤولي الحزب، متوقفاً عند زيارة وفـــــد من الحزب الى دارته في طرابلس غير آبه بالمخاطر الـــتي يمكن ان يتعرّض لها، خصوصاً مع التحليق المتواصل لطائرات الـ «أم.ك» التي لم توفر في قصـــفها الطريق الساحلية التي تربط بيروت بالشمال. كما يذكر في هذا الاطار حرب الشائعات التي تعرض لها الحزب، ومنها الحديث عن لجوء امينه العام السيد حسن نصر الله الى السفارة الايرانية في بيروت، ونشر صحيفة كويتية ان الاخير موجود في دارة الوزير سليمان فرنجية.
وروى أحد الحاضرين لكرامي في معرض الحديث عن نجاح «حزب الله» في اختراق الشيفرة الخاصة الـــتي يستخدمها العدو الاسرائيلي في عملياته العسكرية أن أحد مسؤولي الحزب كان يــــــقود ســــيارته «الرانج» في مـــــنطقة غالـــــــيري سمعان في بيروت حين تــــلقّى اتصـــــــالاً هاتفــــياً عــــبر هاتفه الــــجوال ليتبين له أن الرقم الــــــظاهر على الشاشة غير معروف لديه فما كان منه إلا أن رمى الهاتف وقفز من السيارة التي قُصفت بصاروخ من طائرة اسرائيلية بعد أقل من دقيقة.
وأضاف كرامي الى هذه الرواية واحدة أخرى مسرحها جبل تربل في الشمال حيث تنتصب هوائيات وأعمدة إرسال عائدة لعدد من المحطات التلفزيونية والاذاعية استهدفتها الطائرات الحربية الاسرائيلية فدمرت قسماً منها فيما لم تتعرض للقسم الأخير، الأمر الذي حمل مجموعة من الشباب في طرابلس على التوجه الى المكان للاطلاع على حقيقة الوضع، إلا ان حاجز الجيش اللبناني المتمركز أسفل الجبل منعهم من ذلك طالباً إليهم الابتعاد فوراً بعد أن بلغتهم معلومات تفيد ان الطائرات الحربية الاسرائيلية ستعاود قصفها للمكان في أي لحظة وهذا ما حصل.
ويتطرق كرامي الى مؤتمر استوكهولم الاخير الخاص بمساعدة لبنان في اعادة إعماره، وما اعلن عن تخصيص مبلغ 950 مليون دولار لهذه الغاية، متسائلاً عن الجهة الصالحة لمواكبة المشاريع المنوي تنفيذها، غامزاً من قناة كل من مجلس الانماء والاعمار، واللجنة العليا للاغاثة، ومجلس الجنوب الذي سماه ضاحكاً: «مجلس كل واشكر».
وفي معرض حديثه عن الاعمار والمساعدات، روى كرامي أنه حين كان رئيساً للحكومة عام 1991 زار باريس على رأس وفد حكومي، ضم في عداده وزير المال آنذاك الراحل علي الخليل، لحضور اجتماع خصص للبحث في اعادة اعمار لبنان. وأفاد بأنه عرض على المجتمعين دراسة اعدّتها حكومته تقدر كلفة اعادة الاعمار يومها بأكثر من خمسة مليارات دولار، الامر الذي رفضه الحاضرون مقترحين ألا يتجاوز المبلغ مليار دولار، فيما عزا البنك الدولي اسباب هذا التوجه الى عدم أهلية لبنان للتعامل مع المبلغ المطلوب نظراً الى التجارب السابقة، «وقد سجلنا اعتراضنا على هذه النظرة».
ولدى سؤاله عن اتصالات بينه وبين الرئيس فؤاد السنيورة اجاب: «هاتفني مع بداية الحرب وقال لي إن لبنان يعيش اصعب مرحلة في تاريخهأ وأبلغني عزمه على الاستمرار في تحمل المسؤولية. وتمنيت عليه أن يبقي عينيه شاخصتين في اتجاه الوحدة الداخلية، فردّ عليّ بأن هذه المسألة ستبقى شغله الشاغل».