تحتاج إلى دقائق كثيرة لتنتقل من مبنى كلية العلوم إلى سكن الطلاب في المجمّع الجامعي في الحدث. تمرّ قرب المسبح وملاعب كرة السلة والمساحات الخضراء التي تنسيك دمار الضاحية الذي خرجت منه للتو. الهدوء يلف المكان، فتتساءل: متى ستدب الحياة في مباني السكن الثلاثة، التي أنجزت منذ ثلاث سنوات؟
ثائر غندور

في 30 تموز ‏2004، أعلن الرئيس السابق للجامعة اللبنانية الدكتور إبراهيم قبيسي عن بدء استقبال طلبات الطلاب الراغبين في الإقامة في «وحدة سكن الطلاب» الكائنة في المدينة الجامعية في الحدث للعام الجامعي 2004 ــــ 2005. حينئذ، تقدّم مئات الطلاب بطلباتهم، لكن هذا السكن لم يفتح أبوابه حتى اليوم رغم مرور أكثر من سنتين على الإعلان. ويتوافد يومياً عدد من الطلاب إلى مبنى الإدارة المركزية للجامعة اللبنانية ومجمع الحدث ليسألوا عن افتتاح سكن الطلاب، وخصوصاً بعد الدمار الذي لحق بالضاحية الجنوبية.
يتألف السكن الجامعي من ثلاثة مبانٍ، تصل قدرتها الاستيعابية إلى ألف وأربعمئة شاب وستمئة صبية، إذ يسكن كل طالبين في غرفة واحدة تضم كل مستلزمات الراحة. وهناك سبع وعشرون غرفة للمتزوجين. شُيّد هذا المجمّع وفقاً للشروط العالمية. إذ هناك قاعة للدرس والإنترنت في كل طابق، وكذلك مطبخ مشترك لكل ثماني غرف. وسعّرت الجامعة السرير بمئة ألف ليرة تتضمن كل التكاليف من كهرباء وغاز وغيرها.
يشير الرئيس الحالي للجامعة الدكتور زهير شكر إلى أن تأخّر افتتاح سكن الطلاب ناتج من عدم تقدم مؤسسات متخصصة لإدارة السكن في المناقصتين اللتين حصلتا سابقاً. ويرى أن ذلك يعود إلى «عدم استشارة جهات متخصصة عن وضع دفتر الشروط في السابق». ولتدارك هذا الخطأ طلب شكر من مكتب استشاري إبداء رأيه بدفتر الشروط قبل المناقصة التي ستكون على مستوى عالمي. ويضيف شكر أن من أهم أسباب عدم دخول شركات عالمية متخصصة في إدارة الفنادق، حصر العقد بإدارة السكن الجامعي، «وبالتالي فإن الشركات لم تتقدم لأنها ستخسر». لذلك أضيفت إلى المناقصة إدارة كل الكافيتيريات في المجمع ومطاعم الطلاب والأساتذة. لذا، سيرتفع البدل المالي للسرير من مئة ألف ليرة للشخص إلى مبلغ قد يصل إلى مئة دولار أميركي. ويرفض شكر اعتبار أن هذه الزيادة ستؤثر سلباً في الطلاب لأن الأساس هو تأمين خدمة جيدة. ويؤكد أن الجامعة لا تبغي الربح، لكنها تريد أن تؤمن بدلات الصيانة وتجديد السكن. ونفى بأي شكل إمكان أن تدعم الجامعة اللبنانية أو الدولة السكن.
في المقابل، تعلو صرخة الطلاب لسببين: الأول يتعلّق بالتأخير، وخصوصاً أن إيجارات المنازل ارتفعت هذه السنة بسبب الدمار الذي لحق بالضاحية. والثاني يتعلق برغبة الجامعة في زيادة البدل المالي. يقول محمد إنّه اعتاد استئجار شقة مع ثلاثة شبّان مقابل مئتي دولار شهرياً، وهو يعاني اليوم خلال بحثه عن شقة، لكنّه لا يرغب في حجز غرفة في السكن الجامعي «لأن تجربتي معهم لا تدفعني إلى الثقة بالمواعيد التي يحدّدونها للافتتاح». ويلفت هنا موقف رئيس الجامعة الذي يؤكد أن افتتاح السكن سيتأخر فعلاً عن الموعد الدراسي «لأسباب تقنية». لكنه يؤكد أنه سيفتتح هذه السنة «لأنني أود أن تنتقل كليتا الطب والصيدلة إلى المجمع الجامعي».
ورشة العمل مستمرة في السكن إذ تستكمل شركة «فليفل» تجهيزه بالمفروشات، لينحصر النقص بالستائر. ويبقى النظام الداخلي لهذا السكن موضوع تساؤل بين الطلاب، إذ لم تحدده إدارة الجامعة بعد. ويتخوف عدد من الطلاب أن يتشابه بأنظمة الـ«فواييه» المنتشرة في محيط المجمع الجامعي، والتي يجبر معظمها الطالبات على العودة عند الساعة التاسعة مساءً، «والتي لا تستطيع أن تلتزم بشروطنا، فلتبحث عن مكان آخر». ويبلغ معدّل السعر فيها مئة دولار شهرياً. ويطرح هنا أحد الأساتذة تساؤلاً عن وجود رابط بين زيادة سعر السرير في السكن الجامعي إلى حدود المئة دولار وبين رغبة البعض في الجامعة بتعويم هذه «الفواييهات».