خلدة ــ عامر ملاعب
شهدت دارة خلدة أمس تجمعاً شعبياً كبيراً بحضور غلب عليه رجال الدين وممثلو الركنين الأساسيين في الطائفة، مرجعيتيْ معصريتي وخلوات البياضة، وحضور سياسي درزي معارض، يجتمع للمرة الأولى على قرار واحد في ملف داخلي.
وبايع الأمير طلال أرسلان الشيخ ناصر الدين الغريب شيخ عقل للدروز في حضور النائب فيصل الداوود والوزير السابق وئام وهاب رئيس تيار التوحيد اللبناني والوزير السابق محمود عبد الخالق ممثلاً الحزب السوري القومي الاجتماعي. وشكّلت هذه المبايعة حدثاً أعاد الدروز إلى الواقع السياسي الطائفي الذي ساد في الستينيات، حيث كان لكل فريق شيخه.
تداخلت في الكلمات وفي هتاف الجمهور السياسة بالدين. وأثقل التاريخ القديم والجديد كاهل المتكلمين، وأعطى للحفل بعداً وطنياً رغم خصوصيته. «حماة الثغور» والمقاومة والتصدي للهجمات الخارجية عنونت اللقاء. سمير القنطار حضر أيضاً بصحبة هتافات وأهازيج مرتفعة رأت فيه مثال المقاوم. أمّا الحكومة ورموزها فنالت حصة الأسد من الهجوم، وحمّلها الخطباء مسؤولية كل المشاكل بما في ذلك «القانون الفتنة».
وألقى النائب السابق الداوود كلمة قال فيها: «في هذا اللقاء التاريخي الذي كنا نأمله جامعاً مانعاً لكل أشكال الفرقة والانقسام، إيماناً منا بوحدة المعروفيين الذين آلف التوحيد بين وجدانهم والسرائر، وصبغت الحكمة قمصانهم والنفوس، فإذا بالفتنة تبرز بقرنها عبر قانون ماكر جائر يستبيح الأوقاف والحرمات ويستهين بالكرامات، متوسلاً كل آليات اللصوصية والسطو الميليشيوي المنظم تحت عنوان التنظيم اللاقانوني واللاشرعي».
ثم ألقى الشيخ قيس كلمة وصف فيها قانون المجلس المذهبي بأنه «قانون خلاف ومحنة لا قانون وفاق ووحدة، إنه مناقض تماماً لأحكامنا وأنظمتنا الروحية».
كما ألقى أرسلان كلمة جاء فيها: «اليوم يوم فرقان، نفرق فيه ما بين الحق والباطل، وإن لم نفعل نكن على خطأ جسيم. والتاريخ لا يرحم». وتابع: «حاولنا كل ما في وسعنا وبذلنا جهوداً يشهد عليها أهل الصدق من مرجعيتنا الدينية، بذلنا جهوداً للحؤول دون إقرار قانون الفتنة، المخالف للتقاليد المعتمدة بين أهل التوحيد، ومن أبرزها عدم تسييس الشؤون الإيمانية، وعدم السطو على المال العام المتمثل بالأوقاف».
وأضاف: «نعلم أن همهم ليس مشيخة العقل ولا تشكيل مجلس مذهبي. همهم الفعلي من خلف قانون الفتنة والسطو عليها يكون بالتفرد في إدارتها. وعدد الهيئة ليس الأساس وإنما التبعية. حذرنا علناً، وقلنا إننا على بينة بما يحاك حول تأسيس شركة عقارية على طريقة سوليدير المشؤومة، تفتك بالأوقاف كما شركة سوليدير فتكت بأملاك الناس في منطقة الأسواق».
وأردف أرسلان: «نقول لنقابة الجريمة المنظمة وأدوات حكامها إن سلطة التابعين للخارج لا تستوعب مقاومة الأحرار. إنهم أعجز بكثير عن تنفيذ تعهداتهم للخارج. ويظنون أن في وسعهم القضاء على المقاومة تنفيذاً لوعد قطعوه لأسيادهم. كم هم واهمون... إنهم مصابون بداء ترقق العقول».
وخاطب الأسير سمير القنطار قائلاً: «نحن أهلك استوطن أسلافنا هذه البلاد ليحموا الثغور من غزو الأساطيل، لن تحولنا الأزمنة الرديئة إلى عبيد في الثغور أتباعا للأساطيل. نحن أحرار هذه البلاد، نحن أصحابها الأصليون لا نخضع لقانون فتنة من هنا وفتنة من هناك تقره سلطة مارقة ساقطة مصيرها في النهاية مع مهملات التاريخ ليس إلا».
بعدها ألبس كل من الشيخ أبو سليمان حسيب الصايغ والشيخ أبو سهيل غالب قيس، وإلى جانبهما أرسلان، عباءة مشيخة العقل للشيخ ناصر الدين الغريب الذي أعلن تمسكه بثلاثة ثوابت: رفض للقانون المذهبي رفضاً قاطعاً، التمسك بأحكام الطائفة الدرزية الروحية وخطوات السلف الصالح في ما خص الأوقاف الدرزية العامة والخاصة والالتزام المطلق بشروط الموصي ودعم المقاومة الشريفة التي حافظت على كرامة لبنان والأمة».
وفي ختام الحفل، تقدمت سيارة من نوع مرسيدس إلى أمام المنبر، فوضع أرسلان على مقدمتها علم الطائفة ذا الألوان الخمسة، فصار للشيخ عباءة الزعامة الدينية وسيارته الدبلوماسية.