وجّه عميد الأسرى اللبنانيين سمير القنطار رسالته الأولى بعد العدوان، نقلها محاميه بعد زيارته أمس الأول في قسم العزل الجماعي رقم 3 في معتقل هداريم (قرب نتانيا) في فلسطين المحتلة. ونقل القنطار تحياته الحارّة إلى عائلته وإلى كل من يسأل عنه، وجاء في الرسالة:«تحية الوطن الغالي والانتماء إليه وبعد،
أتوجه إليكم برسالتي الأولى منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية ــ الأميركية الهمجية على لبنان ومقاومته الباسلة. لقد آثرت الصمت طوال هذه الأيام، لأن الصمت في بعض الأحيان أبلغ من الكلام. الصمت أمام بطولات المجاهدين أصحاب الوجوه البيضاء الذين رفعوا رأسنا عالياً، والذين كان سماع أخبار التحامهم مع جنود العدو، في الميدان في القرى الحدودية، يفرح قلبي ويثلج صدري وتزداد ثقتي بأن النصر آت لا محالة. النصر الذي تحقق اليوم بقيادة رفيق كل مظلوم في هذا العالم، سماحة السيد القائد حسن نصر الله.
والصمت أمام حقارة ونذالة وجبانة أصحاب الوجوه السوداء، فُحُول الأنظمة العربية الذين اتّهمونا بالمغامرة ونسوا أنهم أرباب المقامرة والمكابرة والمتاجرة.
والصمت أمام غربان الشاشات والمؤتمرات الصحافية، الذين انتظروا نصر الاحتلال علينا، وعندما اتّضح نصرنا وبانت معالم بأسنا، طالبونا بأن نحدد لمن نهدي انتصارنا. هؤلاء الذين استدرجوا العدوان منذ صدور القرار 1559، وعندما فشلت المراهنة عليهم رست المناقصة على الصهاينة. لقد وعدت هؤلاء في رسالتي في 22 نيسان الماضي بأن يسقط الـ1559 بالضربة القاضية، ولقد سقط تحت أقدام المجاهدين بالضربة الساحقة.
نصرنا نهديه لمن يستحق، إلى كل من صمد ورفع شارة النصر، إلى كل من دعمنا ووقف إلى جانبنا وما زال، من فنزويلا الرفيق الثوري الرائع تشافيز إلى كل من حمل صور أطفال قانا وجرائم الحرب الإسرائيلية المتنقلة في كل قرية ومدينة، وإلى الحناجر الهاتفة نصرة لنا ودعماً لمقاومتنا الباسلة. لكننا بالتأكيد لن نهديه لمجرم الحرب بولتون لأن درعكم المشؤوم يكفيه.
أقول لكوفي أنان الذي يزور لبنان، إن عدالتكم الدولية هي سراب، وقرار مجلس أمنكم رقم 1701 هو قرار عنصري ومجحف بحق قضيتنا. وسيؤدي، في حال تطبيق الفقرة التمهيدية الثالثة منه، إلى تركنا مدى الحياة في سجون الصهاينة ويقضي على فرصة الإفراج عنّا، التي أحياها الوعد الصادق لسماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، وأنجزتها سواعد أبطال المقاومة، وحفظتها دماء الآلاف من شهداء العدوان الإسرائيلي الهمجي على لبنان وجرحاه. وأقول لك لا داعي لأن تطالب إسرائيل بالإفراج عنا، فلقد توفرت أسباب حريتنا وسنتحرر رغم أنف الأعداء. جلّ ما أطلبه منك أن لا تخدع أهالي الجنود الإسرائيليين كما فعل أولمرت طوال أيام الحرب وأن تعمل على تفعيل قنوات التفاوض غير المباشر وتبادل الأسرى.
أتوجه بالتحية إلى عائلات الشهداء والجرحى، إلى كل من فقد عزيزاً أو بيتاً أو مصدر رزق، وأقول لهم إن تضحياتكم هذه هي قربان جليل على مذبح الحرية والكرامة والشرف والعزة والشهامة. وكونوا على ثقة بأن حريتنا القادمة في القريب العاجل لن يكون لها أي طعم أو قيمة لو لم ترتبط بالنصر العظيم الذي ثبّت أقدامنا على أرضنا ورفع جباهنا عالياً ولقّن أعداءنا وكل المراهنين عليه درساً قاسياً جداً. والى أن نلتقي للحديث تتمة».
الأسير سمير القنطار، معتقل هداريم، فلسطين