strong>مؤتمر استوكهولم يقر 940 مليون دولار مساعدات «مشروطة» للبنان
تجاوز مؤتمر دعم لبنان واعادة انعاش اقتصاده في استوكهولم غايته لجمع مساعدات مالية الى عناوين سياسية ذات صلة بالوضعين اللبناني والاقليمي، أبرزها دعم الحكومة اللبنانية وتشجيعها على ايجاد حل سياسي مع اسرائيل.

استوكهولم - يحيى أبو زكريا
انعقد مؤتمر استوكهولم وسط اجراءات امنية مشددة في فندق غراند اوتيل وسط العاصمة السويدية في حضور 350 شخصية سياسية على مستوى رؤساء حكومات ووزراء لـ60 دولة وجهت اليها الدعوات، اضافة الى عشرات المنظمات الدولية. وألقى رئيس الحكومة فؤاد السنيورة كلمة في المؤتمر قال فيها «انناهنا اليوم لنشهد على شجاعة الشعب اللبناني وتصميمه على النهوض مجددا». مؤكدا انه «قبل اندلاع الحرب غير المبررة على البلد وفي وقت كنا نستعد لتقديم سلة اصلاحاتنا الاقتصادية والاجتماعية خلال مؤتمر بيروت لدعم لبنان، كان اقتصادنا يظهر بوادر نهوض صحية، وكنا نتطلع لعام يسجل اعلى نسبة من السواح والازدهارالاعماري».
واعلن ان «الضرر المباشر الذي ألحقه العدوان بالبنية التحتية وممتلكاتنا الخاصة والعامة بلغ مليارات الدولارات، اضافة الى الاكلاف المباشرة وغبر المباشرة التي سيحملها الاقتصاد على المدى الطويل». مشيرا الى «اننا نعاني اليوم من ركود كبير ومن تداعياته»، لافتا الى ان اسرائيل نفذت «في 12 تموز، تهديدها اعادة لبنان 20 عاما الى الوراء عندما بدأت غزوها السابع للبنان».
واعتبر «ان اتفاق الهدنة المطور هو الضمان الوحيد الذي يلزم اسرائيل». ونبه الى انه «في حال لم ترفع اسرائيل حصارها المهين، ولم تنسحب من الاراضي التي ما زالت تحتلها منتهكة قرار مجلس الامن رقم 1701، فان كل مسار النهوض هذا بما فيه هذا المؤتمر ستقوض دعائمه». داعيا الى «بذل كل الجهود لرفع اية عقبات تمنع الشعب اللبناني من استعادة حريته وسيادته».
وأمل السنيورة «ان يشكل المؤتمر الخطوة الأساسية الأولى على الطريق الطويل لإعادة إعمار لبنان ويحضر لمؤتمر اوسع لدعم لبنائه». واعرب عن ايمانه بأن «دعم المجتمع الدولي سيكون أساسيا لإعادة إحياء البلد، ونجاح التجربة الديموقراطية اللبنانية في جزء من العالم هو بأمس الحاجة للديموقراطية». وقال ان المطلوب «مستوى عال من التمويل لأننا نعاني من أحد أهم مستويات الدين في العالم، أحدثتها أساساً الاجتياحات الإسرائيلية المتكررة، اذ يستخدم اكثر من نصف عائداتنا لخدمة هذا الدين»، مطلقا مبادرة «إعادة بناء أمة الأمل» التي يمكن تحقيقها عبر مجموعة من الآليات «تؤمن التنفيذ السريع والشفافية التامة».
واعتبر السنيورة «انه للحصول على سلام حقيقي واستقرار في الشرق الأوسط، علينا معالجة أساس أسباب هذه الحرب. كما أنه من الأهمية بمكان معالجة المسائل العالقة في المنطقة التي نشكل جزءا أساسيا منها معالجة نهائية»، معتبرا ان «على إسرائيل أن تدرك أن الحرب لم تمنحها لا السلام ولا الأمن، وأنه لا يمكن لشعوب الشرق الأوسط أن تقاد للانصياع». وشدد على «ان القمة العربية التي عقدت في بيروت عام 2002 والتي دعت الى سلام عادل وشامل ودائم وفقا لمبدأ الأرض مقابل السلام هي الطريق للمضي قدما»، واعدا المجتمعين بأنه سيعمل معهم «من دون كلل لإحقاق السلام في منطقتنا». واكد «ان الحلول العسكرية غير مقبولة أخلاقيا وغير واقعية بالكامل، كما أن المسارات السياسية الجزئية والمبادرات الآحادية الجانب باءت كلها بالفشل»، داعيا «مجلس الأمن الدولي الى أن يعاود الإمساك بالقيادة والسعي لإحلال سلام شامل وعادل ودائم في الشرق الأوسط».
وقال نائب الامين العام للأمم المتحدة مارك مالوخ براون في كلمته إن الدعم الدولي للبنان سيعزز موقف الحكومة اللبنانية. وأضاف امام المؤتمر «اذا فشلنا كمجتمع دولي في دعم لبنان الآن فإننا لا نخذل الشعب اللبناني الشجاع فحسب بل ايضا تطلعهم الوطني لحكومة مستقرة وقوية وديمقراطية تصل الى كل مواطنيها في انحاء البلاد وتدعمهم».
من جهته اعلن وزير الخارجية السويدي يان الياسون أمام المؤتمر انه «جرى التعهد بمبلغ يزيد على 940 مليون دولار».
وناقش المؤتمر ملفين الاول يتعلق بآليات تنفيذ القرار 1701،والثاني انساني اقتصادي يتمثل بجمع اكبر قدر من المساعدات للبنان. وفي هذا السياق اشار مسؤولون سويديون الى ان الدول الاوروبية وضعت شروطا لكيفية صرف المساعدات واوجه استخدامها وطريقة صرفها حتى يتأكد المجتمع الدولي ان هذه المساعدات افادت الشعب اللبناني لا غيره، وهذا ما حرصت على تأكيده وزيرة المساعدات الدولية السويدية كارين يمتين.
من ناحيته حدد رئيس الوزراء السويدي غوران بيرسون اهداف المؤتمر بقوله «نريد ان نثبت للشعب اللبناني ان باستطاعته الاعتماد على مساعدة المجتمع الدولي وتعاونه». وقال «انه دليل تضامن لدعم لبنان الديموقراطي المزدهر الذي يساهم في امن المنطقة وسلامها». وشدد على ان «تعهد الاستجابة لحاجات لبنان يجب ان يتخطى الحاجات الفورية». وأمل في «ان تتقدم الحكومتان اللبنانية والاسرائيلية الى الامام من أجل الوصول الى حل سياسي دائم»، داعيا الحكومة الاسرائيلية الى رفع حصارها عن لبنان.
وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع بيرسن اكد السنيورة ان «ما سيتم جمعه من خلال هذا المؤتمر ومن كل المانحين سيصرف وفق رغبة المانحين والآليات التي تم اختيارها من قبل المانحين أنفسهم، وستصل إلى المحتاجين عبر المؤسسات الحكومية». واشار الى «انه رغم ما تقوم به إسرائيل، لن يذل لبنان ولن نقبل بذلك، وسنستمر باتخاذ جميع الإجراءات للوقوف صفا واحدا مع جميع محبي السلام لكي تنصاع إسرائيل وتنفذ قرار الأمم المتحدة»، معلنا «اننا سنتخذ كل الإجراءات الممكنة لمحاسبة إسرائيل والكثير من العمل قد تم في هذا الإطار». وقال «ان الفكرة التي تقول انه سيتم تحويل المساعدات بشكل او بآخر لتذهب الى حزب الله فكرة خاطئة تماما». واكد ان «المساعدات سيتم تأمينها عن طريق وكالات حكومية وستذهب مباشرة الى المحتاجين اليها. ولن يكون هناك اي وسيط».
اما رئيس الوزراء السويدي فأكد "أن الحكومة اللبنانية اعتمدت المسار المستقبلي، ونحن والآخرون حاضرون للمساعدة والدعم. ولكن يعود للحكومة اللبنانية أن تعتمد هذا المسار." واضاف: «على إسرائيل أن تحترم القانون الدولي، ولكن أيضا أعمال حزب الله ا تتوافق مع القانون الدولي. فخطف الجنديين الإسرائيليين وقصف أهداف مدنية في إسرائيل لا يتوافق أيضا مع القانون الدولي».