«يحظر دخول الصالات المحفوظة على الأشخاص المقيمين في لبنان، الذين أتمّوا الحادية والعشرين سنة، ويقل مجموع دخلهم الثابت السنوي لدى الدوائر المالية عن مئة ضعف الحد الأدنى الشهري للأجور». هذه الكلمات ليست رأياً سياسياً أو اقتباساً من كلام مسؤول، بل نص حرفي من المادة 22 الواردة في عقد الاستثمار بين إدارة كازينو لبنان والدولة اللبنانية. يُستفاد من هذا النص أن من يريد الدخول إلى تلك الصالات لا بدّ أن يكون دخله الشهري أكثر من 4 ملايين ليرة، وأن لا يقل عمره عن 21 عاماً، فضلاً عن القصّر. ترى هل ينطبق هذا الوصف على الواقع؟ وهل تتأكد إدارة الكازينو فعلاً من مداخيل الزائرين المالية وأعمارهم بحسب بطاقات الهوية؟ لا يبدو أن هذا الأمر يحصل، أقله في بعض الحالات. فبحسب وزير السياحة فادي عبّود الذي أثار الموضوع علناً في الآونة الأخيرة، فإن الكازينو «يكاد يصبح ياخوراً للقمار ولإدخال القاصرين وذوي الدخل المحدود والمرابين». وفي حديث إلى «الأخبار»، لفت عبّود إلى أن الكازينو، كمؤسسة، يستهدف أصحاب الدخل المالي العالي والأثرياء الذين لا يتأثرون بالخسارة. أما اليوم، «فنرى أشخاصاً من ذوي الدخل المحدود يملأون صالات لعب القمار، من سائقي أجرة وسواهم من عامة العمّال، وهذا ما يؤدي بالتالي إلى مشاكل اجتماعية جمّة لم يكن الكازينو ليكون سبباً فيها». كلام الوزير عبّود يؤكّده محضر أمني صادر عن الشرطة السياحية تحت الرقم 401/360 بتاريخ 5/5/2011. فبحسب المحضر الذي حصلت «الأخبار» على نسخة منه، فإن فتاة قاصراًً (لم تُكمل 17 عاماً ـــــ سورية الجنسية) شوهدت داخل صالة «البيلوت ماشين» المدارة من إيلي. ش. بصفته مدير الأمن الليلي. وقد عدّت الشرطة وجود القاصر مخالفة للمادة الأولى من المرسوم 12222 (عام 1962)، علماً بأنها في البداية لم تكن تحمل بطاقة هوية. ولدى استيضاح المدير، صاحب محضر المخالفة، أفاد بأن رجال الحراسة على مدخل الكازينو استوضحوا الفتاة عمرها عند دخولها، فقالت إن عمرها 18 عاماً، وأضاف المدير أن هذا العمر مسموح به للأجانب، ولكن «فوجئت بعد ذلك عندما تبيّن أن عمرها أقل مما ذكرت». هكذا، تؤكد إفادة المدير، الموثقة في محضر أمني رسمي، أن لا أحد في الكازينو يطلب من الزائر إبراز بطاقة هويته، حتى ولو كانت ملامح وجهه تشي بكونه قاصراً، كحالة الفتاة المذكورة.
حالة أخرى مشابهة شهدها الكازينو قبل أيام أيضاً. فأثناء قيام مفتشين من مصلحة الضابطة السياحية بجولة داخل الصالات، شاهدوا شخصاً «يبدو من مظهره أنه دون الثامنة عشرة من العمر، فسألا مسؤول الأمن الذي كان يرافقهما عن الأمر. طلب الأخير من الشخص محل الملاحظة إبراز هويته، فتبيّن أنه لا يحمل هوية ولا أي وثيقة ثبوتية أخرى». هذه الحالة موثّقة باستمارة لدى وزارة السياحة تحت الرقم 3/189 وتحمل توقيع رئيس مصلحة الضابطة السياحية أمين ذبيان.
ممّا جاء في الاستمارة أن المفتشين طلبا من مسؤول الأمن في الكازينو معالجة الأمر وإبلاغ المصلحة بالنتيجة، بيد أن هذا لم يحصل، وبالتالي «لم تُعرف هوية الشخص الذي لم يكن يحمل بطاقة هويّة». لا يخفى أن ثمة صراعات سياسية، من تحت الطاولة ومن فوقها، في ما يتعلق بكازينو لبنان وميول الموظفين الحزبية. لا ينفي الوزير عبّود هذا الأمر، بل يؤكد حق الاختلاف في وجهات النظر بين السياسيين، بيد أنه يصرّ على إبعاد تفاصيل العمل داخل الكازينو عن التجاذبات السياسية وعدم وضعها في هذا الإطار. من ناحية ثانية، دعا عبّود إلى «تفريع الكازينو في أكثر من منطقة، وذلك ضمن خطة لو سار فيها الجميع من دون وضع عراقيل، فإن نسبة العائدات لخزينة الدولة يمكن أن تفوق مليار دولار سنوياً».