في إطار إحتفالية «الجامعة اللبنانية الأميركية» LAU بمئويتها هذا العام (1924-2014)، أعدَّ مركز «التراث اللبناني» مؤتمراً من ست جلسات أكاديمية عالجت نتاج الأخوين رحباني وتأَلُّق فيروز فيه، من زوايا مختلفة نصوصاً وألحاناً وأداءً فيروزياً مميزاً. في هذا السياق، افتتح المؤتمر رئيس الجامعة ميشال معوّض بكلمة قال فيها «تتوالى اللقاءات والانشطة التي تواكب مئوية الجامعة هذا العام. نحن اليوم في نشاط آخر خاص بالمئوية، تكرّس فيه جامعتنا بهاء الحضور الرحباني الفيروزي بقسميه، المنبري الاكاديمي والفني الغنائي. كي تتكامل الصورة بين المداخلات المنبرية والاغنيات على المسرح».
من جانبه، جاءت كلمة الفنان مرسيل خليفة ناضجة بذكريات نوستالجية من صباه، قائلاً «بعد سيّد درويش قلب عاصي ومنصور معادلة الغناء العربي. معهما إنتقل الغناء من التلحين إلى التأليف الموسيقي، وأخذ النص الموسيقي يعيد كتابة النص الشعري ثانيةً، وفي الآن ذاته حيث يحرّر الأداء الصوتي فيعبِّر عن نفسه من الداخل. نجحا في استخراج موسيقى الشرق المخبوءَة، بإعادتها إلى الينابيع، إلى التراث البيزنطي والسرياني الكنسيّ».
على الضفة نفسها، عاد الباحث محمود زيباوي بالوثائق إلى بدايات عاصي ومنصور الرحباني في الإذاعة، ولفت إلى أنه «يصعب الجواب عن تاريخ بدْء الرحبانيين تقديم وصلتهما في الإذاعة، وذلك لغياب وثائق تعود إلى هذه الفترة. يبقى خير مصدر لاستكشاف هذه الفترة، جداول برامج الإذاعة المنشورة في المجلات، ومنها مجلة «الإذاعة» اللبنانية. أقدم ما وصلَنا: إشارة في جدول برامج الإذاعة ليوم الجمعة 19 آذار 1984، وفيها «ثنائي رحباني ميقاتي» من الساعة 12:45 إلى الساعة 1:00».
أما في مداخلة الأب بديع الحاج، فقد ركّز على تقنية أداء فيروز بصوتها، وشدّد أن «فيروز مطربة إذاعية من الدرجة الممتازة. عرفها الجمهور لأول مرّة من محطة الإذاعة اللبنانيّة التي تبنّت صوتها وعهدت إلى نخبة ممتازة من الملحنين بذلك الصوت الذهبي ليتعهدوه بالصقل والتربية. تنقّلت فيروز في تَلمَذتها الفنية على أيدي أساتذة مهرة، لم يكن استعدادها الفطري أقل حنكة منهم».
من جانبه، سرد الكاتب فارس يواكيم في مداخلته أثر «مهرجانات بعلبك» في إطلاق الأعمال الرحبانية منذ منتصف الخمسينات. وقال «بدأت مسيرتهما الفنية عام 1948/1949، وكانت إطلالتهما الأولى في «مهرجانات بعلبك» سنة 1957 بمنوعات غنائية بعنوان «أيام الحصاد» وبعد سنتين بمنوعات أخرى بعنوان «المحاكمة»».
في السياق نفسه، قالت الباحثة هالة نهرا «مع زياد جمعت فيروز بين النخبويّ والشعبيّ، وأظهرتْ تجرِبتها قدرتها على مواكبة لغة العصر ونيل إعجاب واستظراف الجمهور في الكثير من الأحيان».