انتهى النصف الأوّل من رمضان بتفوّق واضح لمسلسل «رقوج» (تأليف وإخراج عبد الحميد بوشناق) في حين اضطر مدير قناة «الحوار التونسي» المثير للجدل سامي الفهري إلى إيقاف البرنامج الكوميدي الذي راهن عليه «اللي يضحك يخرج» في الحلقة الحادية عشرة بعد فشله الذريع في شدّ الجمهور وموجة الانتقادات الواسعة التي طالته لناحية ضعف المحتوى، على الرغم من أنّه جمع عدداً كبيراً من النجوم.انحصرت المنافسة في النصف الأوّل من رمضان تونس أساساً بين ثلاثة مسلسلات أساسية، هي: «رقوج» على قناة «نسمة الجديدة» (يملك المنتج السينمائي العالمي طارق بن عمّار مع رئيس الحكومة الإيطالي الراحل سلفيو برلسكوني جزءاً كبيراً من رأسمالها)، و«باب الرزق» (كتابة المسرحي محمد علي دمق، وإخراج هيفل بن يوسف) على القناة الأولى الرسمية، والجزء الثاني من «فلوجة» (تأليف وإخراج سوسن الجمني) على قناة «الحوار التونسي».
في سباق 2024، خرج «فلوجة 2» من دائرة الجدل التي دخلها بقوة العام الماضي، رغم أهمية موضوعه، إذ يتناول قضايا التطرّف الديني في أوساط الشباب وتجارة المخدرات في المدارس وانهيار القيم التربوية، ليتصدّر «رقوج» أحاديث التونسيين. فقد اختار بوشناق قرية صغيرة في محافظة زغوان (شمال) الأندلسية، ليصوّر عمله المؤلّف من 18 حلقة، محوّلاً إيّاها بطبيعتها السّاحرة إلى قرية متخيّلة طرح فيها القضايا والمشاكل التي يواجهها التونسيون في حياتهم اليومية، خصوصاً في السنوات الأخيرة، مثل الفساد في الإدارة من رشوة وتستّر على جرائم التدليس في ملكية العقارات، وسوء خدمات البلديات، وتجارة الآثار، والتهريب، واحتكار المواد الأساسية. كما وجّه تحية إلى نضال الحركة النسوية من خلال تسليط الضوء على معاناة الريفيات العاملات في الحقول الزراعية، إذ شهدت تونس حوادث مرور متعدّدة في الأرياف كانت ضحيتها فلاحات.
جمع بوشناق في مسلسله الواقعية بعوالم شعرية ولمسة سحرية أكدت أنّ لهذا المخرج، صاحب «نوبة» وأفلام «دشرة» و«فرططو الذهب» و«إبرة»، مشروعاً حقيقياً ورؤية مختلفة تماماً عمّا عرفه الجمهور التونسي في الدراما التلفزيونية تحديداً.
وإذا كان مسلسل «فلوجة» في جزئه الثاني قد فقد شغف الجمهور، فإنّ «باب الرزق» حاز الكثير من التقدير بعدما نجح في أن يكون دراما اجتماعية وفق القواعد المتداولة. وكان الامتياز لنجم المسرح التونسي في الثمانينيات كمال التواتي الذي قدّم عملاً كوميدياً أيضاً مختلفاً عن دوره في «باب الرزق» في السلسلة الكوميدية «سوبر تونسي» (تأليف وإخراج قيس شقير) على «نسمة الجديدة».
وتابع الجمهور التونسي مجموعة من الأعمال الكوميدية في النصف الأوّل من شهر الصوم، لكنّها كانت فاشلة مثل سلسلة «الفارمسي» (سيناريو: لطفي الفالحي وأيمن العبيدي، وإخراج محمد أمين بلدي) على القناة الأولى و«أولاد الحي في دبي» على «الحوار التونسي»، فضلاً عن برنامج الكاميرا الخفية «التعليلة» على القناة الأولى وسلسلة أخرى على «تونسنا». كذلك، سُجّلت عودة رؤوف كوكة، أوّل من قدّم الكاميرا الخفية على التلفزيون التونسي في بداية التسعينيات، من باب قناة «تلفزة تي في» عبر «سائق القناة»، لكنّها توقفّت بعد سبع حلقات فقط.
وإذا كانت هذه الأعمال قد لفتت انتباه التونسيين بمستوى متفاوت، فإنّ المسلسل الأطول كان ومضات الإعلانات لشركات الاتصالات والمنتوجات الغذائية!


*«باب الرزق» على القناة الأولى (20:05)، و«رقوج» على «نسمة الجديدة» (س: 20:00)، «فلوجة 2» على «الحوار التونسي» (س: 20:15). «الفارمسي» على القناة الأولى و«أولاد الحي في دبي» على «الحوار التونسي» و«سوبر تونسي» على «نسمة الجديدة» (س: 19:40).