عَجَنتني أمّي بالأساطير، وعلَّمتني أَن أَضمر أُمنية حينَ أرى شهباً يعبر في ليلة مُظلمة، أو حينَ أبصرُ قوس قزح.على أحد السطوحِ في الأشرفيّة، حيثُ تُقيم المخرجة موريال أبو الروس في الطابق الأوّل من المبنى نفسِه الذي تُحيي على سطحه سنويّاً مختبرها السينمائي للخلق بالحدس، أَبصرتُ تسعةَ أفلام حَدسِيّة، تسعةَ ألوان لا سبعة: أَوَّلُها أبيض وآخرها أسود، تراصفت قوسَ نصرٍ في سماء بيروت، فضمرتُ أمنيةً ووعدتُ نفسي بتسعة مخرجين جُدد أوغلوا في أعماقهم بحثاً عن الخوف، ما دعاني أكثر من مرّة خلال مواكبتي لمسيرة الأفلام إلى التساؤلِ:
أما كان أسهل على المخرجين التسعة لو قفزوا من الطابق الرابع عوضاً من أن يقفزوا إلى أعماقهم بحثاً عن مشاعر مكبوتة أو مقموعة؟؟
وإن كانت القفزة الأولى تدعو إلى الموت الحتمي أو الشّلل، فهل ينجو مَن يقفز إلى الداخل مِن تَبِعَات المواجهة مع الذات والسّماح للمشاعر العالقة بالعبور فالتحرّر؟؟
علمتني أمّي أن أؤمن بالأعاجيب، لكني لم أَرَها تَحدُث يوماً إلا في الفن... الذي يرشح ضوءاً وحبراً...
الفن الذي أظهرَ لنا أن التصالح الفرديّ يقود إلى التصالح الجماعي.
إنّها المرة الأولى التي أطمئن فيها إلى رؤية الخوف... وأوقنُ أنَّ مَن يُعايشُ هذا المختبر السينمائي لن يستسلم ولن يخافَ على مستقبل الفن والإنسان في لبنان.