طونيا عكر
أدت مشكلة مالية ناشئة بين مجلس الإنماء والإعمار ومؤسسة نقولا السروجي التي تعهدت تنفيذ أعمال جسر الدورة إلى توقف العمل على هذا الجسر منذ حوالى شهر تقريباً، ما سبب انزعاج الأهالي من تأثير هذا الخلاف على عدم تنفيذ المشروع في موعده في حزيران المقبل

يهدف مشروع النقل الحضري في مدينة بيروت، إلى تخفيف زحمة السير عند عدد من محاور الطرقات الرئيسية في نطاق بيروت الكبرى، وينفِّذ مجلس الإنماء والإعمار المشروع، من خلال تحسين 19 محوراً بتكلفة تبلغ نحو 199 مليون دولار ممولة من البنك الدولي والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، وصندوق أبو ظبي للتنمية، والبنك الإسلامي. ويتناول المشروع تنفيذ برنامج إدارة السير، وبرنامج تحسين المحاور، وبرنامج تنظيم الوقوف على جوانب الطرق، ومساندة شرطة السير من حيث التجهيزات والتدريب وحملات التوعية.
ومشروع النقل الحضري من المواضيع الإنمائية التي تتباهى بها الحكومة اللبنانية على أكثر من صعيد، إلا أن التأخير في إنجازه، وانعكاساته السلبية على المواطنين، لا يمكن اخفاؤها، وكانت آخر المشكلات توقف الأعمال على جسر الدورة منذ أكثر من شهر، بسبب خلافات ناشئة بين مجلس الإنماء والإعمار ومؤسسة نقولا سروجي المتعهدة تنفيذ الأعمال في جسر الدورة، ما أدى إلى حصول أزمة حقيقية في المحال المجاورة للجسر وفي سوق برج حمود، بسبب تحويل الطرقات الذي ينعكس صعوبة في الوصول إلى هذه المحال... فما هي حقيقة المشكلة؟

أصل المشكلة

يقر مجلس الإنماء والإعمار والمؤسسة المتعهدة تنفيذ الأعمال في جسر الدورة بوجود مشكلة أدت إلى توقف الأعمال، إلا أن أسباب هذه المشكلة تختلف بين جهة وأخرى، ويقول المتعهد نقولا سروجي لـ«الأخبار» إن الأعمال توقفت في جسر الدورة بسبب وجود فارق في الأسعار. وعن ماهية هذا الفارق أجاب: «اسألوا مجلس الإنماء والإعمار». وأبدى انزعاجه من الحجم الذي اتخذه موضوع توقف الأعمال في الجسر، مشيراً إلى أن سير الأعمال كان جيداً، لكن «اضطررنا إلى التوقف»، لافتاً إلى أن مجلس الإنماء والإعمار وعده بحل المشكلة قريباً.
من جهته، يشير النائب نبيل نقولا، إلى أن المتعهد طلب زيادة في الأسعار، وعندما لم يستجب المجلس، أخذ عدته وقوالب الجسر ورحل. ورأى نقولا أن توقف الأعمال ناتج من معاقبة السلطة لهذه المنطقة، إذ يجب على الدولة أن تضع يدها على الكفالة المادية الموجودة في العقد الذي وقع عليه المتعهد وإحالة الأمر إلى قاضي الأمور المستعجلة.
ولفت نقولا إلى أنه حين راجع المجلس في هذا الموضوع، أجابه الأخير بأن هذا الجسر يحتاج إلى قوالب خاصة، وسعر القالب الواحد 100 ألف دولار. ويشير نقولا إلى أن الموضوع تحوّل إلى «مسخرة»، إذ إن المجلس يعد بحل الموضوع، في حين أن القوالب مع المتعهد، والجبّالة والمعدات التي كانت موجودة قد اختفت. ودعا نقولا مجلس الإنماء والإعمار إلى تحمُّل فروق الأسعار والدفع للمتعهد لاستئناف العمل وإنهاء الأشغال على الجسر لكي لا يتحمل المواطن النتائج.
فيما أكد مصدر مسؤول في الورشة لـ«الأخبار» أن القوالب موجودة تحت الجسر، وأن الجسر «مصبوب» منذ 60 يوماً تقريباً، وتقنياً يمكن رفع القوالب، وهذا لا يسبّب خطراً أو بطئأً في الأعمال.

المجلس يطمئن

أما مجلس الإنماء والإعمار، فقد وعد باستكمال الأعمال خلال الأسبوع المقبل، وقال مصدر مسؤول في المجلس لـ«الأخبار» إن المجلس أُعطي أمر المباشرة بالعمل في الجسر في تشرين الثاني من عام 2005 للتنقيب عن الآثار، وفي شهر آذار من عام 2006 بدأ تنفيذ الأشغال التي تشمل استبدال جسر الحديد بجسرين علويين يتضمن كل منهما ثلاثة مسارب للسير باتجاه الشمال وثلاثة مسارب باتجاه بيروت بالإضافة إلى طريق جانبية».
ويتابع المصدر: «بهدف تأمين السير على الموقع المذكور خلال تنفيذ الأعمال، جرى تقسيم الأشغال إلى ثلاث مراحل، وكان من المتوقع أن تنتهي الأعمال في شهر حزيران من العام الحالي»، ولكن العمل في الجسر توقف منذ نحو شهر، ما أدى إلى زيادة مخاطر تمديد فترة انتهاء المشروع. إلا أن المصدر لفت إلى أن المجلس «درس موضوع محور الدورة، وأعطى التوجيهات اللازمة لإدارة المشاريع في المجلس لبلورة حل تعاقدي مناسب مع المتعهد، وهي مؤسسة نقولا سروجي للتعهدات». وشدد على أن «من المنتظر أن يعاود المتعهد العمل في الأشغال في الأسبوع المقبل».

أزمة حلّت على الأهالي!

وقد أدى تحويل السير في منطقة الدورة مع بدء المشروع إلى صعوبة الوصول إلى عدد كبير من المحال التجارية والصناعية والمنازل في منطقة الدورة ومحيطها، وأشار نقولا إلى أن توقف العمل في المشروع أثار سخط الأهالي الذين تخوفوا من عدم انتهاء المشروع في موعده، وانعكاسات ذلك على تفاقم أزمة ازدحام السير، واستمرار مشكلة صعوبة الوصول إلى بعض الطرقات، مشيراً إلى أن منطقة المتن تتعرض لنوع من العقاب المقصود كما حصل في تأخير الأعمال عند طريق المتن السريع وجسر نهر الموت، مؤكداً أن مجلس الإنماء والإعمار لا يتجاوب في ما يتعلق بجسر الدورة. وقال: «أصبح الحل الوحيد أن ندعو البلديات المعنية إلى التظاهر، نظراً للطريقة التعسفية التي يتعرض لها المواطن في المتن». وقال: «كأن الأمر مقصود من مجلس الإنماء والإعمار، فكل ملفات المتن عم بتروح على الجارور، أما أشغال بيروت فماشية».
أما الأمين العام لحزب الطاشناق السابق سيبوه هوفنانيان، فلفت إلى أن نتيجة التواصل مع مجلس الإنماء والإعمار بيّنت وجود مشاكل مع المتعهد، لافتاً إلى أن «سكان المنطقة والمارين يشتكون من زحمة السير التي لا تحتمل»، مشيراً إلى أنه «كلما تأخرت الأعمال، كلما تضرر الناس».