عصام الجردي
الاتفاقات ستوقع في2007 والتحويل في مدى 4سنوات

انتهى مؤتمر باريس ــ 3 وقرر هبات ومساعدات غير مسبوقة لبلد تعصف به موجة عالية من التوتر السياسي والامني مفتوحة على احتمالات كبيرة.
انتقل ملف المؤتمر مباشرة الى حضن الازمة اللبنانية. وكل ما فيه من الهبات الى مساعدات القروض الميسرة يحتاج الى حكومة مكتمل نصابها سياسياً لا عددياً فحسب، والى مجلس نواب يعمل، والى تشريعات لقبول الهبات وإبرام اتفاقات القروض.
الآلة الحكومية المتصلة بمتابعة تنفيذ تعهدات مؤتمر باريس ــــــ 3 ما تزال تعمل باشراف لجنة وزارية برئاسة مجلس الوزراء فؤاد السنيورة وعضوية وزيري المال، والاقتصاد والتجارة وحاكم مصرف لبنان، في انتظار انتقال الملف بالكامل الى مجلس وزراء بـ “نصاب سياسي مكتمل”، والاهم، في انتظار عودة الروح الى مجلس النواب للاطلاع على نتائج المؤتمر رسمياً، ومناقشة برنامج لبنان الاقتصادي المسمى “برنامج الاصلاح”، واصدار التشريعات.
قبل ذلك، ماذا تعمل الحكومة الحالية؟ ما هو الرقم النهائي لتعهدات باريس ــــــ 3؟ ما مدى حماسة اطراف باريس ــــــ 3 لتوقيع اتفاقات القروض والهبات مع الحكومة بانتظار ابرامها قانوناً؟
متى سيبدأ تسلم الهبات والقروض. وبرنامجها الزمني؟ كيف سنخرج من “اختبار النيات والتعهدات” المرتبط ببرنامج إصلاحي في غياب اداة التشريع الدستوري؟ بحسب اللائحة النهائية الشاملة التي تسلمتها الحكومة وحصلت عليها “الأخبار” فإن الحصيلة النهائية لتعهدات مؤتمر باريس ــــــ 3 بلغت 7 مليارات و782 مليون دولار اميركي (الجدول).
تتوزع التعهدات الاجمالية على النحو الآتي: 834 مليوناً سابقة لمؤتمر باريس ــــــ 3. مليار و474 مليوناً قروضاً للقطاع الخاص. 228 مليوناً لقوات الطوارئ (يونيفيل) والمنظمات غير الحكومية. 750 مليوناً لمصرف لبنان. مليار و181 مليوناً هبات، بينها 978 مليوناً لدعم الموازنة و203 ملايين لتمويل مشاريع. 3 مليارات و 392 مليوناً قروضاً للحكومة، بينها مليار و403 ملايين لدعم الموازنة، ومليار و989 مليوناً لتمويل مشاريع. و600 مليون دولار لم تحدد وجهتها بعد.
مصدر حكومي رفيع قال لـ“الأخبار”، انه بعد نهاية مؤتمر باريس ــــــ 3 للتو، طلبت الحكومة من الدول والوكالات والصناديق المشاركة تحديد تفاصيل التعهدات. و“قمنا بالتنسيق مع الجهات المذكورة بتحديد القطاعات المستهدفة بتعهدات المؤتمر. والجديد منها خارج تعهدات مؤتمر استوكهولم وغيره. وبدأنا المرحلة الاخرى لتحويل الامول، ودونها متطلبات تفاوضية وادارية. وقد حضرت اكثر من بعثة من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. وهناك بعثة اخرى من الصندوق في غضون عشرة ايام، وقد ركزنا على الدول الرئيسة الداعمة عربياً ودولياً وكذلك مع الصناديق والوكالات. وستحضر في وقت قريب بعثة من الصندوق العربي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية. وسيتم تحديد القطاعات التي ستفيد من قروض بواقع 750 مليون دولار اميركي. وسيصدق البنك الاوروبي للاستثمار ووكالة التنمية الفرنسية تعهداتهما في آذار الجاري. الوزير (الاقتصاد والتجارة) سامي حداد في الولايات المتحدة للغاية نفسها. وستحضر بعثة ايضاً من البنك الاسلامي. ونتابع مع اسبانيا من خلال سفارتها الاجراءات نفسها. وقد تصل بعثة حكومية إسبانية في وقت قريب، وكذلك مع المملكة المتحدة. وقد ارسلنا مشروع الاتفاق الى عمان لدراسته من الحكومة الاردنية. وتم كما هو معروف توقيع اتفاق مع الحكومة الاماراتية التي تعهدت تقديم قروض للموازنة بواقع 300 مليون دولار اميركي، وستتسلم الحكومة القروض تلك دفعات ثلاثاً”.
وحين سؤاله عن كيفية امرار مشاريع قوانين اتفاقات القروض والهبات في مجلس النواب بعد ان دخل الاخير في حلبة الخلافات السياسية قال المصدر الحكومي “نقوم بمسؤولياتنا. ونتطلع الى وفاق سياسي يشمل الحكومة ومجلس النواب. ولا يمكن الا فعل ذلك من اجل كل اللبنانيين”. وكشف ان كل اتفاقات القروض والهبات ستوقع في سنة 2007. وستصل الاموال في خلال سنوات اربع حداً اقصى. وقال ان الحكومة المصرية التي تعهدت تقديم 44 مليون دولار اميركي قروضاً ستتولى اعادة ترميم معمل كهرباء الجية وإعمار ما تهدم. سألنا المصدر الحكومي عن مدى تأثير استمرار الاوضاع الداخلية على حالها، او تفاقمها، على ارادة الدول والمؤسسات بايفاء التزاماتها، خصوصاً في فترة زمنية من سنوات اربع قال “لم نلمس من كل الاتصالات التي اجريناها بعد مؤتمر باريس ــــــ 3 اي تقاعس من الدول المعنية. ومتأكدون من أن الفترة الزمنية التي ستصل خلالها التعهدات ستكون افضل من الحاضر”.
كيف سيتابع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والجهات المانحة الاخرى التزام الحكومة خطة الاصلاح وآليات المتابعة؟ رد المصدر الحكومي نفسه “ليكن معلوماً، اننا ملتزمون خطة الاصلاح، وهذه كانت محركاً رئيساً للتعهدات. يخطئ من يظن ان باريس ــــــ 3 شأن مالي. نحاول الآن تحويله مساراً اشمل، له علاقة بالنمو، وبالشأنين الاقتصادي والاجتماعي. هذا واضح لدينا. ولا تردد حياله او عودة عنه. التعهدات ستأتي تبعاً لتقدم العمل، سواء على الارض او ربطاً ببرنامج الاصلاح. وقد تعلمنا من الماضي وجوب مأسسة العمل، ودعم قدرة الادارات التنفيذية.
لذلك، وضعنا آلية تضم كل المؤسسات بما في ذلك منظمات المجتمع المدني. وأعلنا ستراتيجيات قطاعية للاصلاح باتت معروفة، وسيكون مجلس الانماء والاعمار مرتبطاً بعملية الاصلاح الشاملة”. وما الذي يضمن سيناريوات النمو وخفض العجز في تنفيذ الخطة، لا سيما ان 2008 ستكون سنة الاستحقاق الضريبي المضاد للنمو في المبدأ، مع تكلفة اجتماعية ثقيلة الوطأة؟
يرد المصدر الحكومي “نسعى الى الاستخدام الامثل للاموال، النفقات الاستثمارية ستكون مرتبطة بعملية الاصلاح الماكرو ــــــ اقتصادية. سنخفض العجز، ليس صحيحاً ان باريس ــــــ 3 دين اضافي. هناك دين جديد بشروط ميسرة ولآجال طويلة، سيحل محل جزء من ديون بفوائد مرتفعة وقصيرة الأجل. الفارق واضح”.
واذ سئل عن الأثر المصاحب للانفاق والاستثمار على تحسين المؤشرات الاجتماعية، وخلق فرص عمل جديدة، كشف المصدر الحكومي عن “خطة حكومية لسنوات عشر ستعرض على أصحاب العمل وهيئات القطاع الخاص. وسيتوسع الدعم لهذا القطاع على النحو الذي يهدف الى فرص عمل جديدة. وسيفيد القطاع الخاص من القروض الكبيرة التي اتاحها باريس ــــــ 3، بعد تيسيرها بآليات لدعم الفوائد بالتنسيق مع مصرف لبنان والمصارف”.
تابع “اجتماعياً ، هناك فئات واسعة خارج العقد الاجتماعي. ولا تصلها اي مساعدات او دعم. هذه الفئات ستصلها خطة الاصلاح وكذلك المناطق النائية. المشكلة ان القاعدة التنافسية ضعيفة في لبنان. هناك مقاربة مباشرة لهذه المشكلة في الاصلاح، من خلال التشريعات، ومعالجة المخاطر المالية، بأمل معالجة المخاطر السيادية ايضاً، وتحسين القدرة التنافسية جزء اساس من تحرير مؤسسات القطاع الخاص والخدمات واكتساب قدرة تصديرية. كل ذلك من شأنه استقطاب خبرات جديدة ووظائف. وسنحاول التخفيف من كلفة الخدمات على الطبقة الوسطى ايضاً. البرمجة والربط في المشاريع مسألة حيوية. مالياً واقتصادياً واجتماعياً. اذا كانت الضريبة غير ملائمة ولها آثار جانبية يمكن اعادة النظر في حجم الضريبة. انما يجب التعويض في مكان آخر . وهذا قابل للمناقشة”.
وقال ان الحكومة تدرس امكان تقديم تسهيلات في الجانب الضريبي للقطاع الخاص. مثل خفض سنوات استهلاك الآلات وغيرها لشطبها من الدفاتر. وسيكون توحيد الاجراءات الضريبية انجازاً في ذاته. ومشروع القانون يدرس في اللجنة النيابية الفرعية حالياً.