بيروت التي لا يكاد يُرى فيها «عِرق» أخضر، كلّفت صيانة الأشجار والمزروعات في حدائقها ووسطيات شوارعها ثمانية مليارات ليرة العام الماضي (أكثر من خمسة ملايين دولار)، وهو مبلغ كفيل، بحسب الخبراء، بجعل العاصمة حديقة كبيرة في ما لو تم إنفاقه فعلاً على هذا الملف! الأنكى أن على جدول أعمال جلسة المجلس البلدي، غداً، بند للتجديد لشركة «هايكون» سنة إضافية في صيانة الحدائق والوسطيات، رغم إجماع غالبية أعضاء المجلس على سوء أدائها. أما الأسوأ من ذلك كله، فهو أن المجلس البلدي سيناقش هذا البند بشكل مخالف للقانون، إذ إن عقد الشركة انتهى في 14 تموز الجاري، وكان يجب أن يجدّد لها قبل ذلك. أما الآن، فقد بات لزاماً إجراء مناقصة جديدة وفق دفتر شروط جديد.
عقد الشركة انتهى في 14 الجاري وبات لزاماً إجراء مناقصة جديدة وفق دفتر شروط جديد

و«هايكون» (يملكها رجل الأعمال عماد الخطيب) شركة تعنى بالمقاولات، ارتأى المجلس البلدي تسليمها حدائق بيروت وأشجارها ووسطياتها لصيانتها وتأهيلها وريّها! وكان مقرراً أن يجدد عقدها في الجلسة الماضية التي عقدت قبل 14 تموز، إلا أن الاعتراضات التي أبدتها غالبية أعضاء المجلس حالت دون ذلك. وأكد أعضاء بلديون لـ«الأخبار» أن المتعهد «خالف غالبية بنود دفتر الشروط، ولم يقم بأبسط الأعمال، كتشحيل الأشجار والمزروعات، لا بل إن عدم معرفته بهذه الأمور أسهم في قتل بعض الشتول بسبب تشغيله عمالاً لا يعرفون شيئاً عن تقنية الريّ»، علماً بأن ثلاثة من المليارات الثمانية تذهب أجور عمّال، فيما يذهب جزء معتبر من المبلغ أجرة معدات زراعية تؤكد مصادر مواكبة أن كلفة استئجارها تفوق ثمنها في ما لو أرادت البلدية شراءها! الاعتراضات حالت دون التجديد لـ«هايكون» في تلك الجلسة، مع اقتراح التمديد لعملها 3 أشهر بحجة «عدم موت المزروعات». إلا أن الخطيب لم يرض بهذا التمديد، بحسب مصادر في البلدية أكدت انه «يمارس ضغوطاً سياسية للفوز بعقد سنوي جديد». وهو لهذه الغاية «قدّم لائحة وعود جديدة، من بينها شراء معدات كان يفترض أن يشتريها العام الماضي، والتعاقد مع شركة ذائعة الصيت تعنى بالورود والشتول مقابل مليون و700 ألف دولار سنوياً». المصادر لفتت الى أنه، «فضلاً عن أن الاقتراح بالتعاقد، من الباطن، مع شركة متخصصة يعني اعترافاً من الخطيب بفشل شركته في عملها، فإن الأهم هو أنه ليس مفهوماً لماذا على البلدية تلزيمه هذا الملف طالما أنها قادرة على التعاقد مع هذه الشركة مباشرة ومن دون وسيط».
المصادر أشارت الى ان «هايكون» التي وظّفت 150 ناطوراً على الحدائق والمساحات الخضراء، تضغط من خلال هؤلاء لتجديد عقدها عبر تحميل البلدية مسؤولية «قطع أرزاق 150 عائلة». لكنها شدّدت على أن بند تجديد العقد «لن يمر في الجلسة على الأرجح، بسبب المعارضة الكبيرة التي يواجهها»، فيما أكّد «رئيس لجنة الحدائق العامة في البلدية غابي فرنيني لـ«الأخبار» أن «المهل القانونية لتجديد العقد انتهت، وبات لزاماً إعداد دفتر شروط جديد يفضل أن يكون فاصلاً بين الصيانة والزرع، إذ لا يمكن لمتعهد أن يعمل في اختصاص زراعي أو في تطوير الحدائق وتشحيلها من دون أن تكون لديه خبرة في هذا الشأن».

* نموذج عن تلزيم صيانة المزروعات في الوسطيات والحدائق وتنظيفها وتشحيلها في بلدية بيروت لعام 2017.



«هايكون» محظية لدى مجلس الإنماء والإعمار
رئيس مجلس إدارة «هايكون» عماد الخطيب رشّحه تيار المستقبل في الانتخابات النيابية الأخيرة في قضاء مرجعيون - حاصبيا، هو أحد رجال الأعمال البارزين في التيار الأزرق في السنوات العشر الأخيرة، وتلتزم شركته تعهدات في لبنان والامارات ومصر والعراق. بعد خسارته في الانتخابات، طرح اسمه كمرشح لتولي إحدى وزارات المستقبل، قبل أن يسحب من التداول. وتعدّ «هايكون» بين الشركات العشر الأولى التي تفوز دورياً بعقود أشغال كبيرة في مشاريع مجلس الإنماء والاعمار، علماً بأنها التزمت أعمال مبنى وزارة الصحة العامة في بئر حسن الذي فاقت كلفته أربعة أضعاف تقديرات الخبراء، ومبنى وزارة التربية في الاونيسكو، وأشرف على بناء مقر رئيس مجلس النواب في عين التينة.