قام عدد من المحتجّين، اليوم في طرابلس، بنقلة نوعية في تحرّكهم، تمثّلت في اقتحامهم مكاتب دائرة كهرباء لبنان الكائنة في محلة المعرض في المدينة، في خطوة لم يقدموا عليها من قبل تجاه أي مؤسّسة أو دائرة عامّة، ذلك أن جميع تحركاتهم السابقة كانت تتركز على تنفيذ اعتصامات أمام الدوائر والمؤسسات الرسمية في عاصمة الشمال، مع محاولات لدخولها لم يكتب لها النجاح، باستثناء ما جرى حين قيامهم باقتحام وإحراق مبنى بلدية طرابلس في 28 كانون الثاني الماضي.من على شرفة الدائرة المحاطة بشبك حديدي، أطلّ عدد من المحتجّين وهم يهتفون بشعارات الثورة ضد «الفساد والشبيحة» وضد شركة كهرباء لبنان، ومردّدين: «نحن في شركة كهرباء لبنان، ولكن وين الكهربا، فقط يقبضون. يا عيب الشوم على حكّام البلد».
المحتجّون الذين بقوا قرابة ساعة داخل الدائرة «غادروها من غير أن يُحدثوا أي أعمال شغب، أو يلحقوا أضراراً بمكاتبها وملفاتها، أو أن يتعرّضوا لأحد من الموظفين»، حسب ما أوضح أحدهم لـ«الأخبار»، إلا أنهم «لطشوا الموظفين اتهامات عديدة، منها تحميلهم مسؤولية انقطاع التيّار الكهربائي ساعات طويلة عن المدينة، وأنّهم يقبضون بلا أي عمل مفيد يقومون به»، و«مهدّدين بالعودة ثانية إلى مكاتب المؤسّسة إذا لم تتحسن ساعات التغذية».
هذه الخطوة ترافقت مع قيام أكثر من سائق سيارة أجرة تعمل على المازوت، بالتوجّه من طرابلس إلى بلدة ضهر العين في قضاء الكورة، عند المدخل الجنوبي للمدينة، حيث قاموا بإجبار صاحب محطة محروقات على فتحها وملء خزّاناتهم بالوقود، بعدما كان يرفض ذلك سابقاً، وسط أزمة محروقات خانقة تشهدها المدينة.
وزاد الطين بلّة إقدام العديد من السوبرماركت ومحال السمانة على إغلاق أبوابهم بسبب الارتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار مقابل الليرة، بعدما كان سوق القمح في المدينة، وهو السوق الرئيسي فيها لبيع المواد الغذائية بالجملة والمفرق، قد أغلق أبوابه بالكامل قبل ظهر اليوم للسبب عينه.
كل ذلك دفع المحتجين، بعد عصر اليوم، للنّزول إلى الساحات والشوارع ومداخل طرابلس، حيث قاموا بإغلاق العديد منها بإطارات السيارات المشتعلة وحاويات النفايات والحجارة، ما جعل طرابلس، التي شُلّت الحركة فيها، تبدو كمدينة أشباح شبه خالية من السيارات والمارّة.