عندما يولد طفل في أحد المستشفيات، «تهديه» وزارة الصحة، فور خروجه من غرفة الولادات، دفتراً اصطلح على تسميته «الدفتر الصحي»، يبقى معه سنوات طويلة، ليدوّن فيه طبيبه اللقاحات التي يتلقاها، والأمراض التي يعاني منها. ويرفق هذا الدفتر بكتيب الإرشادات للعناية بصحّة الطفل وتعطى نسخة منه للأهل أو لمن يرعى الطفل ويهتم بنموه. لكن، في ظل الأزمة الاقتصادية، جرف التقشف هذا الحقّ، ما أدّى الى نقص حاد في دفاتر الإرشادات التي اختفت كلياً في المستشفيات. والسبب أنه «معش معنا مصاري»، تقول رئيسة دائرة الأمومة والطفل في وزارة الصحة الدكتورة باميلا زغيب، بعدما جعل انهيار الليرة أمام الدولار كلفة طباعة دفتر  الإرشادات من الكماليّات.
سابقاً، كانت منظمات غير حكوميّة تتكفّل بتمويل طباعة هذه الدفاتر، غير أنّ ذلك «توقّف منذ عام 2018، ولا تزال لدينا عشرات النسخ في الوزارة، لكنّها لا تكفي لكل المستشفيات». أضِف إلى ذلك أن شرح مضمون هذه الكتيبات يحتاج إلى ممرّضات متدرّبات، «وذلك غير متوافر الآن بسبب أزمة كورونا». تأسف زغيب لـ«أننا وصلنا إلى هنا، فهذه الدفاتر أساسية في خلق فهم وطني موحّد حول الرضاعة الطبيعيّة والعناية بالطفل، من خلال مصادر طبيّة موثوقة وعلميّة، قد لا تتوافر بالشكل المطلوب من خلال المواقع الإلكترونية»، مؤكدة ضرورة استمرار تمويل طباعة السجلّ الصحي «الذي لا يمكن الاستغناء عنه. لكن الأموال المتوافرة الآن لا تكفي لتكاليف الطباعة».
أما السجل الصحي فيتألف من 60 صفحة، يؤكد معظم أطباء الأطفال أنهم بالكاد يملأون الصفحات الأولى منه، ويعتبرون ذلك «بعزقة» يمكن تفاديها عبر طباعة سجلات أقل حجماً لخفض التكاليف. فيما ترجع زغيب «حجم السجل إلى كونه يتضمّن المعلومات بثلاث لغات، لأنّ غالبيّة الأطباء تعتمد اللغة الأجنبيّة»! مع ذلك، تعترف بأن الحاجة إلى تطوير السجل وتعديله باتت ملحّة، «والمفروض أن يُصار إلى تقييم السجل وتعديله كل عشر سنوات، بناءً على الحاجات والملاحظات، بحسب توصيات منظّمة الصحة العالميّة، وقد باشرت وزارة الصحة الدراسات والتقييمات، بس للأسف ما في مصاري حالياً لهالموضوع، خلّينا عم نطبع الموجود هلق وكتّر خير الله». وتخلص الى أن «المشكلة ليست في حجم السجل أو اللغة، بل في غياب بطاقة صحيّة موحّدة ونظام صحّي متكامل موصول ببيانات وزارة الصحّة، ما يجعل السجل المرجع الوحيد للأطباء»



اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا