بدأت المدارس الرسمية بإجراء امتحانات نصف السنة، وحتى اللحظة لم تؤمن وزارة التربية، بالتكافل والتضامن مع المركز التربوي للبحوث والإنماء، الكتاب المدرسي الرسمي، ما ترك 35% من تلامذة لبنان، أي حوالي 300 ألف تلميذ، من دون نسخ جديدة عن هذا الكتاب. في المقابل، ولوضع الحدّ الأدنى من المادة التعليمية بين أيدي التلامذة، لجأ الأهالي وإدارات المدارس الرسمية إلى «التدوير ». إذ تطلب الإدارات من التلامذة تسليم الكتب المستعملة إلى مكتبة المدرسة، لتوزيعها من جديد، أو تعتمد التصوير البدائي للكتب بالأبيض والأسود لتوزيعها على التلامذة. ولتأمين كتب للتلامذة في المدرسة، «كل مدير بشطارته»، تقول مديرة مدرسة في البقاع.ولتغطية فشلها، وفشل الحكومة في تأمين تمويل لطباعة الكتاب المدرسي، لجأت وزارة التربية والمركز التربوي للبحوث والإنماء إلى الترويج لاعتماد نسخة إلكترونية عن الكتب المدرسية. حلّ التربية عبارة عن رابط إلكتروني، أو تطبيق مخصّص للهواتف الذكية، توجد عليه نسخة سيئة ممسوحة ضوئياً، عن الكتاب المدرسي. صفحاتها غير متّسقة، وفي الكثير من الأحيان مقلوبة، أو بألوان باهتة، أو حتى مطويّة، فالكتاب المدرسي المنسوخ إلكترونياً عمره زاد عن 27 سنة، وعند إعداده في المرة الأولى في تسعينيات القرن الماضي لم تستخدم الأنظمة الحديثة التي تسمح بوجود نسخة إلكترونية حقيقية.
لا أموال حكومية ولا تمويل دولي للكتاب المدرسي إذاً. بعد انهيار قيمة الليرة في السنوات الماضية عجزت الوزارة عن طباعة كتبها، وفي المقابل لم تلجأ إلى إعادة تسعير الكتاب لتأمين موارد للمطابع، رغم أنّها عدّلت بدل التسجيل في المدرسة الرسمية ورفعته 7 مرّات من 875 ألف ليرة إلى 6 ملايين. وبعد اتكال الحكومة ووزارة التربية على الجهات الدولية لطباعة الكتاب في السنوات الماضية، بدأت المطابع بمطالبة الوزارة بالدفع بالدولار حصراً، ما زاد من تعقيد الأزمة.
نفد مخزون المكتبات من الكتب الجديدة والمستعملة بعد اعتماد مبدأ المداورة


ومع غياب وزارة التربية عن السمع، ورفضها التواصل عبر القنوات الرسمية، علمت «الأخبار» من أصحاب المطابع المعتمدين لطباعة الكتاب الرسمي «أنّ التربية أحجمت عن طباعة الكتاب الرسمي هذه السنة كونها تضع اللمسات الأخيرة على المناهج الجديدة». لكن رئيس رابطة التعليم الأساسي حسين جواد نفى «أن يكون اعتماد التصوير كبديل من الكتاب الرسمي سببه الإعداد لطباعة كتب وفقاً للمنهجية الجديدة»، مشدّداً على «أنّ السبب الرئيسي هو غياب التمويل، وعدم قدرة الوزارة على الطباعة». فوزير التربية أكّد، بحسب جواد، «إحجام اليونيسيف عن دفع حوالي 3 ملايين دولار لتمويل الطباعة، ما وضع الوزارة في موقف حرج». ورأى في الكتاب الإلكتروني، وتصوير الكتب بالأبيض والأسود «خسارة للتلميذ الذي من حقّه اكتساب معلومات تربوية من كتب ملوّنة تحتوي على الرسوم التوضيحية اللازمة للفهم والتأسيس العلمي للمراحل التعليمية المقبلة».
إلى ذلك، نفد مخزون المكتبات من الكتب الرسمية المستعملة أو الجديدة بعد اعتماد مبدأ المداورة في تسليم الكتب بين تلامذة المدارس الرسمية، و«لم تغطِّ الكميات الموجودة على رفوف المكتبات نسبة 5% من حاجة المدارس الرسمية»، بحسب صاحب إحدى المكتبات. فـ«عمر الكتاب الرسمي لا يتجاوز 3 سنوات على أبعد تقدير، ونظراً إلى عدم طباعة كتب منذ 3 أعوام، من غير الممكن الحصول على كتاب رسمي بحالة جيدة وصالح للدراسة، وخصوصاً في مراحل الروضات والصفوف الأولى للابتدائي».