بغداد | تظهر تدريجاً اللمسات الأخيرة على واجهة «البنك اللبناني الفرنسي» في شارع «كرادة خارج» التجاري وسط العاصمة بغداد. المسؤول عن موقع العمل يؤكّد أن الفرع سيباشر تقديم الخدمات لزبائنه في العراق هذا الشهر ليدخل المنافسة في السوق العراقيّة بعدما سبقته خمسة مصارف لبنانية كانت قد فتحت فروع لها في بغداد وأربيل في فترة زمنية لم تتجاوز السنة ونصف السنة.الموقع التجاري لشارع «كرادة خارج» الذي يربط بين شمال بغداد وجنوبها، جذب أيضاً مصرفين لبنانيين آخرين، هما «إنتركونتننتال لبنان» (IBL)، و«بنك بيروت والبلاد العربية» (BBAC).
يعزو مدير فرع بغداد لبنك «BBAC»، محمود المشهداني، التوسع ضمن هذه المنطقة تحديداً إلى «كونها منطقة تجارية، ومحصنة نسبياً من الناحية الأمنية».
بالفعل، هذا الفرع هو الأحدث لدى المجموعة، غير أنّه حقق أعلى معدّل أرباح بين فروع البنك أرباح خلال عام 2012.
ويوضح المشهداني أنّ الفرع الأول للبنك افتُتح في أربيل، حيث مارس عمله بدءاً بأعمال الصيرفة الاعتيادية، من حفظ الودائع والتحويلات المالية، وصولاً إلى إصدار البطاقات المصرفية، «إلا أن إعطاء القروض وفتح الاعتمادات لم يبدأ إلا بعدما تيقّنت الإدارة العامة للبنك من الاستقرار الأمني في الإقليم».
ويُشير المشهداني إلى أنّ «فرع أربيل استفاد من واقع أنّ حكومة إقليم كردستان أعطت الصلاحية لوزاراتها بفتح الاعتمادات بدلاً من المصارف الأهلية».
ولا يزال العراق حتّى اليوم محكوماً بالعقوبات الاقتصادية تحت «الفصل السابع»، لذا لا يمكن فتح الاعتمادت المصرفيّة باسم عراقي، حيث إنها ستخضع للحجز، ما هيّأ فرصة للمصارف اللبنانية بالاستفادة من فتح الاعتمادات.
يُلخّص المشهداني عمل الفرع الذي يديره بالقول: «نقوم بكل العمليات المصرفية باستثناء التسهيلات التي من ضمنها فتح الاعتمادات، وذلك لأن الإدارة العامة للمصرف لا تزال تتطلع إلى مزيد من الاستقرار الأمني في العراق». ويلفت إلى أنّ اجتماعاً عُقد أخيراً مع مدير التوسّع الإقليمي في المجموعة، شوقي بدر، ركّز تحديداً على ضرورة البحث جدياً في بدء إعطاء التسهيلات المصرفية لبعض الزبائن المعروفين في السوق وذوي السمعة الجيدة.
وتتوزع في العاصمة العراقية ثلاثة مصارف أخرى، هي: «بنك البحر المتوسط»، في منطقة الجادرية، بنك «بيبلوس» و«الاعتماد اللبناني» اللذان يقعان في شارع سلمان الفائق وسط بغداد.
أبرز الأسباب التي دفعت المصارف اللبنانية إلى فتح فروع لها في عاصمة بلاد الرافدين، هي أن المنطقة الوسطى والجنوبية من العراق تحوي مبالغ مالية كبيرة، لكن من دون أن يكون لها أي استثمار حقيقي.
وقد أكّد مدير «بنك لبنان والمهجر» (BLOM) سعد الأزهري في حديث لوكالة الأنباء التركية، «الأناضول»، أخيراً، أنّ هذا المصرف يخطّط لإطلاق أعماله في العراق، وتحديداً في بغداد وفي أربيل شمالاً.
ويُشدّد مدير فرع «الاعتماد اللبناني» في بغداد، مروان أبي هنا، على أنّ «أيّ بلد يحوي ثروة نفطية كهذه الموجودة في العراق بالإضافة إلى ناتجه القومي الكبير، يتمتّع بمجالات واسعة للاستثمار».
ويُشير إلى أنّه بعد تعرض أي بلد للحرب، سيكون بحاجة للتطوير، «الأمر الذي يشجع الكثيرين على الاستثمار في العراق، وهذا الذي دفع الكثير من المصارف اللبنانية إلى فتح فروع في العراق».
اللافت في حديث أبي هنا هو أنّ توجّه مجموعته المصرفية كان أساساً العمل في أربيل. يوضح: «باعتقادي أن الاهتمام بالداخل العراقي، وأعني محافظات الوسط والجنوب، سيكون أكثر نفعاً على المدى المتوسط، ذلك أن اربيل باتت مشبعة وحالتها تشبه الحالة التي كان عليها الخليج أول الأمر».
وفرع العاصمة هو الرئيسي حالياً لـ«الاعتماد»، رغم وجود فرع آخر، لأنه «المسؤول عن تعاملات المصرف أمام البنك المركزي العراقي».
وتحوّل البنوك اللبنانية رساميلها من لبنان؛ وفقاً للمصرفي نفسه، بهدف الحصول على موافقة البنك المركزي العراقي الذي يفرض حداً أدنى لرأس المال يبلغ 7.5 ملايين دولار.
لكن رغم أهمية السوق العراقيّة باعتبارها جاذبةً للاستثمارات اللبنانية في القطاع المصرفي، إلّا أنّ هناك سبباً آخر يتمثل بتدهور الأوضاع الأمنية في سوريا، مقارنة بما هي عليه في العراق. الأزمة السورية تساهم بطرد الاستثمارات بصورة عامة، وفي القطاع المصرفي تحديداً، حيث تبحث تلك الاستثمارات عن أماكن أكثر استقراراً.
وعلى هامش يوم أسواق رأس المال اللبنانية في بورصة لندن المنعقد نهاية عام 2012، قال الرئيس التنفيذي لبنك «عوده»، سمير حنّا، إنّ هناك نية لدى هذه المجموعة المصرفي لإطلاق نشاط في العراق في عام 2013. وسيكون هذا الفرع في مدينة أربيل، كما أكّد المدير المالي والاستراتيجي في «عوده»، فريدي باز، لـ«الأخبار» أخيراً.
أوضح حنّا أنّ لدى «عوده»، الذي يُعدّ الأكبر لبنانياً، خطة للخروج من سوريا إن تدهورت الأوضاع أكثر في هذا البلد. وبالفعل فقد أكد المصرف في أكثر من مناسبة أنّه يخفض حجم أعماله في البلد الذي يعيش احتراباً منذ قرابة عامين. وبنهاية عام 2012 بلغت أصوله 636 مليون دولار في ذلك البلد، متراجعة من أكثر من ملياري دولار قبل عامين، وخفض ودائعه بنسبة 72% تقريباً إلى 522 مليون دولار.
وتخطّط المجموعة لإطلاق الوحدة المصرفية العراقية بنهاية عام 2013، وسيكون هذا المصرف الجديد وحدة تابعة لنشاطها في تركيا.
وفي تشرين الأوّل 2012، افتتح «عوده» مصرفه التركي، «Odeabank A. S»، وخلال أقل من ثلاثة أشهر شكّل قاعدة ودائع بقيمة 1.5 مليار دولار وأصول إجمالية تفوق ملياري دولار.