لا يكاد يمرّ يوم من دون أن يتعرّض روّاد «المارينا ــ ضبيه» إلى السلب أو الضرب أو حتى التحرّش الجنسي. لا رابط زمنياً يجمع بين هذه الاعتداءات ولا هويات المعتدين، الا أن الصورة تتكرّر وأبطالها، المجهولين، يعترضون طريقك في الليل والنهار. أما المواطنون، فبدوا مسلّمين بالأمر الواقع، حتى إن نجيب، الذي كان ضحية سلب بقوة السلاح قبل نحو شهر، لم يتقدّم بشكوى إلى القوى الأمنية، اقتناعاً منه بأنها «ليست أكثر من مضيعة للوقت»، لكنه يعترف بأنه لم يعد يملك الجرأة الكافية ليمارس رياضة المشي مجدداً على كورنيش المارينا بعد ما حصل معه. ويشير نجيب إلى أن «السلطات المحلية لا تحرّك ساكناً لمراقبة المنطقة والحدّ من عمليات السلب، رغم وجود مركز تابع لقوى الأمن الداخلي على بعد أمتار من السنسول».
يلجأ اللبنانيون، في العادة، الى منطقة المارينا بحثاً عن متنفس، وهرباً من روتين الحياة اليومية.
هذه كانت حال أنطوان، الذي وجد في الاستلقاء على الصخر قبالة البحر ملاذاً لراحة نفسية تخفّف عنه عبء هموم النهار، إلا أن تزايد الحوادث الأمنية دفعه إلى العدول عن الفكرة كلياً، والتوجه الى مناطق أخرى اكثر أماناً. فعلى الرغم من عدم وجود إحصاء رسمي بعدد حوادث سرقات السيارات والاعتداء بالضرب وأعمال السلب، يلفت المواطنين إلى تزايدها في «المارينا». وبدلاً من أن يكون السنسول البحري وجهة سياحية حضارية، ومتنفساً للبنانيين، تحول الى آخر «لتعاطي المخدرات والحشيشة وحبوب الهلوسة وافتعال المشاكل» يقول عدد من روّاده.
وبعيداً من الحوادث الأمنية، فإن لـــ«التشفيط» حصّته أيضاً، إذ يتعامل أصحابه مع المسألة بلا مبالاة، غير آبهين بمخاطره على حياة الناس، فيمارسون استعراضاتهم بمنأى عن أعين رجال الأمن، والرادار، ما يتسبب أحياناً بوقوع قتلى. يضاف إلى ما سبق قيام بعض الشبان بتحويل حافة «السنسول» الى ما يشبه المقهى في الهواء الطلق، حيث يشربون الكحول ويدخنون النارجيلة. فتتكاثر «الشلل» التي تسهر هناك حتى ساعات الصباح الأولى، مع ما يرافقها من لوازم الجلسة من فول ولوز أخضر... وطبعاً لا يمكن للجلسة أن تكتمل من دون «تلطيش» الفتيات.
هذا ما حصل مع باسكال، التي توقفت عن زيارة المارينا لممارسة الرياضة بسبب «الجو غير النظيف»، وتعرّضها الدائم لسماع كلام بذيء من قبل مجموعات من الشبان. وجود هذه الشلل أصبح سبباً لإشكالات فردية قد تصل إلى حد إطلاق النار والضرب بالسكاكين.
إذاً، على الرغم من صغر مساحة «المارينا»، وتضافر عوامل عدة جعلت منها مقصداً لمختلف الطبقات الاجتماعية، باتت جملة من الأسباب تحول دون تمتعها بهذه الصفة، إذ إن جولة في زوايا «المارينا» تعلّل قرار ريتا بالعدول عن التوجه إلى المكان، مضيفة إلى كل ما سبق سيارات مركونة على جانبي الطريق يلتقي بداخلها من لم يجد غرفة إيجار لبضع ساعات، «تحصل فيها أعمال منافية للحشمة ومخلة بالآداب، تغفل عنها دوريات قوى الأمن».



إجراءات أمنية جديدة؟

تسيّر القوى الأمنية دوريات من حين لآخر في «المارينا»، بحسب ما أشار مسؤول أمني لـ«الأخبار»، إلا أنها لم تنجح في الحد من الإشكالات. وبناءً عليه «يجب اتخاذ إجراءات تنظيمية بحق المخالفين، وتدابير جديدة لمنع أي تعد على السلامة العامة والنظام»، وفيما اعترف بوجود تقصير، برّره بالنقص الحاد في العناصر، الذي تعانيه المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، كما لفت إلى خيار آخر كان قد جرى تداوله سابقاً، يتعلّق بتركيب كاميرات مراقبة في منطقة المارينا، علماً أن مشروع تركيب كاميرات المراقبة كان مطروحاً في جميع المناطق اللبنانية، لكن الاختلاف السياسي بشأنه حال دون المضي قدماً فيه.