لا يعلم اللبنانيون أنّ القطاع المصرفي في لبنان يعيش منهم وعليهم ويمنّنهم بأنّه إذا سقط يسقط لبنان. فهو يوظف نحو 21 ألف لبنانية ولبناني ولذلك يستحق أن يربح نحو 1640 مليون دولار في عام 2010، معظمها من فوائد سندات الخزينة الحكومية، يدفعها اللبناني نفسه الفَرِح بأنّه يأخذ «فايدة عالية» من «البنك».ولا يعلم اللبنانيون أنّ الكثير من الودائع في مصارف لبنان لا يمكن إيداعها في مصارف في الخارج لأن أصحابها من ملوك ورؤساء وأمراء يستنزفون شعوبهم، وكذلك من سياسيين وموظفين في القطاع العام، وما يسمّى «رجال أعمال» أصبحوا «مليونيرية من عرق جبينهم» و«صمّدوا من معاشهم». ولأن تحويلات تجّار المخدّرات والهاربين من الضريبة وطبعاً أموال تمويل الانتخابات ودعم طرفي الصراع في 8 و14 آذار لا يمكن الجهار بها.
ولا يعلم اللبنانيون أنّ الحصانة المتوفرة لمؤسسي هذه المصارف ومستثمريها تعادل، إن لم تفق حصانة الرؤساء والنواب.
ولا يعرف اللبنانيون أنّ القطاع المصرفي بشبكته الاستثمارية السياسية والإعلامية والقضائية والأمنية هو مَلِكٌ مالكٌ لهم ولذرّيّتهم.
إذا تعثّر مصرف ما، نتيجة سوء إدارة أو اختلاس فعلينا أن نموّله.
وإذا بيّض مصرف ما مالاً فعلينا أن نموّله، لأنّه يرفع اسم لبنان عالياً.
وإذا وفّر قاض ما غطاءً قانونياً لاختلاسات رؤساء مجالس إدارات مصارف فعلينا أن نرقّي هذا القاضي لأنّه «وطنيّ».
مصارف لبنان لا تستطيع أن تستمرّ كما هي من دون:
- تبييض مال «المافيات العالمية»، والهاربين من الضريبة.
- تبييض مال سارقي القطاع العام من رؤساء ووزراء ونواب ومديرين أمنيين وموظفين.
- تسليف الحكومات الهادرة والسارقة للمال العام بفوائد مرتفعة.
- نظام ضريبي يعاقب المواطن العادي ويكافئ الرأسمالي.
- انعدام أية رقابة فعلية من لجنة رقابة يعيّنها القطاع المصرفي والسياسيون المتضامنون معه.
- استمرار تصدير الشابات والشبان اللبنانيين إلى الخارج.
لا يمكن أيّ باحث جدّي إهمال دور القطاع المصرفي في تكوين نمط حياة ترفيهي، تبذيري، مدمّر في لبنان. فلننظر إلى إعلانات المصارف تمويل عمليات تجميل فيما ترفض المستشفيات استقبال حالات طوارئ أدّت إلى وفاة مرضى.
بعد كل هذا، هل كان ضرورياً دمج المصرف اللبناني ـــــ الكندي مع سوسييتيه جنرال اللبناني (SGBL)؟ ماذا لو كان هذا المصرف فعلاً يبيّض أموالاً أو يموّل حملات انتخابية؟ وماذا لو قرّر ستيوارت ليفي أن يتابع الملاحقة ويسائل SGBL عن المصرف الذي دمج معه، وربما استمر ليفي بجهوده الدامجة!؟ إذا كان المصرف يبيّض أموالاً فليعاقب، وفقاً لفداحة الجرم. وإذا كان بريئاً فلندافع عنه.
كان بإمكان رياض سلامة (حاكم مصرف لبنان) أن يقول كل ما ذكر أعلاه للسيّد ليفي، ويضيف شاكراً له «تحقيق الوحدة الوطنية»، بحيث دُمج مصرف متّهم بأنه يعمل لمصلحة حزب الله مع مصرف متّهم بأنه طرد موظفين صوّتوا لقوى 8 آذار، أو التيار الوطني الحر، وساهم في تمويل حملات انتخابية لمصلحة 14 آذار في عام 2009. ولعلّ استمرار السيّد ليفي على هذا المنوال يحقق المزيد من «الوحدة الوطنية»، وربما أيضاً «وحدة المسارين»، السوري واللبناني. وبإمكان رياض سلامة أن يضيف أيضاً أن هذا القطاع المصرفي هو من «بيّض» الأموال التي جاءت مباشرة، أو عبر ما يُسمّى NGOs، لدعم «مسيرة الديموقراطية ومخاض ولادة شرق أوسط جديد»، وإذا استمريتم بالضغط عليه فقد ترتفع الهتافات «الشعب يريد إسقاط النظام المصرفي». وعندها قد تكون 14 آذار من أكبر المتضررين.
ربما قال رياض سلامة هذا وربما لم يقله! ولعلّه سأل السيّد ليفي عمّا فعله بخصوص أموال المستثمرين التي يقال إن ميدوف (Madoff) هرّب بعضها إلى إسرائيل، وعمّا يفعله مع إسرائيل وتبييض الأموال في ذلك البلد «الصديق» للولايات المتحدة الأميركية. وربما جاءت إجابة السيّد ليفي نظرياً على هذا النحو: بصفتي حائزاً «جائزة الخدمة العامة» لسنة 2009 من American Jewish Committee (الهيئة الأميركية اليهودية) ونائبَ رئيس لـFoundation for the Defense of Democracies (مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات)، التي شجعتْ على غزو العراق، وموظفاً.. ألتزمُ ما قاله الرئيس أوباما: «علاقتنا مع إسرائيل بالغة القدسية».
تُرى هل يجد رياض سلامة في القطاع المصرفي أو السياسي رجلاً واحداً يملك تفاني ليفي وإخلاصه ويعلن: كفانا جشعٌ!.

* Stuart Levey مدير مكتب الإرهاب والتجسّس المالي الذي أُسس بعد 11 أيلول ويعمل وفقاً لـPatriot Act.