ما إن أصدر الطاهر وطار باكورته الروائيّة «اللاز» عام 1974، حتّى تحوّلت إلى أحد النصوص المفصليّة، وجعلت صاحبها أحد أبرز رموز الجيل المؤسس للرواية الجزائرية، في اللغة العربيّة (كاتب ياسين ومحمد ديب كتبا بالفرنسيّة وقتذاك). ولد عام 1936 لأسرة بربريّة في ولاية سوق أهراس شرق الجزائر. عام 1950، التحق بمدرسة تابعة لـ«جمعية العلماء المسلمين»، ثمّ أرسله والده إلى قسطنطينة للدراسة في معهد الإمام عبد الحميد بن باديس، قبل أن يلتحق بجامع الزيتونة عام 1954 ثم يتركه للالتحاق بصفوف الثورة الجزائرية، و«جبهة التحرير الوطني»، حيث بقي يحتلّ منصب «مراقب سياسي» حتّى عام 1984.
نشط في الصحافة، وأسس عام ١٩٦٢ في قسطنطينة، أول أسبوعية في الجزائر المستقلة بعنوان «الأحرار». لكن السلطات أغلقتها. المصير نفسه ستلقاه أسبوعية «الجماهير» في الجزائر العاصمة بعد عام... ثم أسبوعية «الشعب» التابعة لجريدة الشعب (1973) التي أوقفت بعد تحوّلها منبراً للمثقفين اليساريين. وقد شهدت السبعينيات توتراً في العلاقة بين نظام الهواري بومدين، وصاحب «عرس بغل» على خلفيّة كتابات هذا الأخير. إلى جانب نضاله السياسي الإشكالي، كرّس حياته للعمل الثقافي التطوعي، فأسس جمعية «الجاحظية» عام 1989، مع الشاعر يوسف سبتي، الذي ذبحه الإسلاميّون عام ١٩٩٤. أنجز ثلاث مجموعات قصصية أولاها عام 1961 «دخان من قلبي»... له في المسرح عملان صدرا في مجلة «الفكر» التونسيّة أواخر الخمسينيات وهما «على الضفة الأخرى»، و«الهارب». أمّا أعماله الروائيّة، فلاقت شهرة منذ «اللاز» مروراً بـ«العشق والموت في الزمن الحراشي» (1981)، و«عرس بغل» (1983)، و«تجربة في العشق» (1989)، وصولاً إلى «الشمعة والدهاليز» (1995)، و«الولي الطاهر يعود إلى مقامه الزكي» (1999)، وآخرها «الولي الطاهر يرفع يديه بالدعاء»، ثمّ «قصيد في التذلّل» العام الماضي. حاز «جائزة الشارقة لخدمة الثقافة العربية» التي تمنحها «الأونيسكو» (2005)، و«جائزة العويس». بعدما ألمّ به المرض، أمضى فترات علاج في باريس في العامين الماضيين. لكنّه لم يتوقّف عن إثارة إشعال الحرائق في بلاده. وكان معروفاً بدفاعه الشرس عن الثقافة العربيّة في مواجهة «نخبة فرنكوفونيّة تتحكّم في الحياة العامة». كذلك بقي ضدّ قمع السلطة للإسلاميّين، مفضّلاً مصطلح «العنف المتبادل» على كليشيه «الإرهاب» الذي تبنّته النخبة الثقافيّة والإعلام.

راجع البورتريه الذي أعدّه عنه الزميل محمد شعير لصفحة «أشخاص»، (الأخبار، ٥ أيار/ مايو ٢٠٠٩)