strong>سناء الخوريتحاول أن تفلت من بين يديه، فإذا به يحاصرها، يلتقطها، يحتجزها. ترتمي الشابّة ذات الجسد الصغير على أرضيّة الاستوديو بحثاً عن منفسٍ للخلاص، لكن من دون جدوى. تؤدّي كلارا صفير عرضها بصدق يستفزّك إلى درجة ترغب معها بالانقضاض على شريكها في الأداء علي شحرور، وتخليصها من بين يديه بالقوّة. العرض بعنوان A head of me، ستقدّمه الراقصة اللبنانيّة الشابة إلى جانب ثلاثة عروض لأحمد صالحي (الأردن)، وجوليان عرب (لبنان)، وأمل خطيب (فلسطين)، في سهرة خاصّة، يحتضنها «مسرح بيروت». الشباب الأربعة طلاب «تكوين»، مدرسة الرقص المعاصر العربيّة الأولى، التي بادرت «مقامات» إلى تنشيطها الخريف الماضي.
بعد أقلّ من سنة على التجربة ومشاركة الطلاب في ورشات عمل في الخارج، ها هم يتجهون تدريجاً نحو بلورة شخصياتهم الفنيّة. أحمد صالحي الذي يشارك قريباً في عرض مع «المسرح الملكي في كوبنهاغن»، سيقدّم في عرضه N-hibit كوريغرافيا مبنية على مفهوم التحرر الجسماني والنفسي من ثقافة التابو. من جهتها، حوّلت أمل خطيب مذكراتها اليوميّة إلى عرض بعنوان Vernis. تكتب الراقصة الفلسطينيّة الشابة ذاكرتها العاطفيّة بلغة الحركة، في لقطات متقطّعة. سنتفرّج عليها كيف تحكي هواجسها وأحلامها وآمالها في بلد مقطّع الأوصال حيث لا مكان للفرد أساساً كي يتأمّل في هموم جسده.
أمّا جوليان عرب، فترقص على نصّ من تأليفها، يعالج أثر الفقد على علاقة الفرد بمحيطه وذاته. الحركة مينيماليّة، تتحوّل أحياناً إلى شكل جسم معلّق رأساً على عقب بإحدى قطع الأثاث.

تتقاطع عروض الطلاب العرب عند تيمة المسموح والممنوع
الأداء كلّه تعبير عن حالة انقطاع الهواء، والرغبة بالاختفاء.
رغم اختلافها في الشكل والتعبير، تتقاطع العروض الثلاثة حول تيمة المسموح والممنوع، والفرد المخنوق في فضاء ملغوم بالقيود. ما ترويه كلارا صفير في عرضها مثلاً، لقطة مقرّبة على فرد يعيش حالة انسلاخ بين عالمين: عالم الحريّة والوهم، وعالم القيود الاجتماعيّة وعبوديّة الواقع.
أهي محض مصادفة أن يدور أربعة راقصين عرب شباب في فلك التيمة نفسها؟ هاجس الجسد المكبّل بطبقات من القمع والهزيمة، جاثم بكلّ وضوح على صدر جيل بأكمله.
قد تكون مقارنتهم مع أترابهم في العرض النروجي «مغامرة ساحرة» (غداً ـــ مونو) مفيدة. سارة كريستوفرن وهيلي سيليهولم أحضرتا عالم الأطفال إلى خشبة المسرح الراقص. بين الأداء الراقص وشاشة التحريك تقدمان عرضاً مرحاً وحراً، رغم وعيه الظاهر لعوائق الإنسان في المجتمعات الأوروبيّة المعاصرة. بعيداً عن السحر، اختار شباب «تكوين» أن يخبرونا عن الذات الحائرة الهائمة المتخبطة في شباك المحرّم.


8:30 مساء 28 نيسان (أبريل) الحالي ــ «مسرح بيروت» ــ للاستعلام: 01/363328