زينب مرعيالموسيقي أنور ابراهم الذي تتماهى أعماله مع قصص لقاء بعازفين من آفاق مختلفة ـــــ من الساكسوفون غارباريك إلى الأكورديون غاليانو ـــــ فتح أبواب تجربته الجديدة لعازف إيقاع لبناني، هو بين الأكثر موهبة في جيله. إنه خالد ياسين. يربط بين الاثنين خيط شراكة رفيع لم تكن له في البداية علاقة حصريّة بالموسيقى. كل منهما اختبر علاقة الموسيقى بفنون العرض، تلك التي تُطبخ على نار بطيئة، وتتطلّب تمارين وارتجالات وتجارب كي تخرج إلى النور. عالم العرض يعرفه ابراهم جيداً، إذ رافق تجارب مهمة من موريس بيجار إلى محمد إدريس، ومن مفيدة التلاتلي إلى نوري بوزيد وفريد بوغدير في السينما، فيما ألّف ياسين الموسيقى التصويرية لأعمال شقيقته خلود في الرقص والمسرح.
يقول خالد ياسين: «هناك شيء من وضوح المسرح في موسيقى ابراهم». إنّها تجربة جديدة في حياة عازف الإيقاعات اللّبناني. من اللحظة الأولى فهم أن اختيار أنور ابراهم له كشريك «عيون ريتا المذهلة» سيكون مفترقاً في حياته.

عن تجربة عازف الإيقاع اللبناني في رباعي أنور ابراهم الجديد

بدأت القصة عام 2004 حين كان خالد يشارك شقيقته عرضاً في تونس. يومها، لفت عزفه الراقصة التونسية نوال اسكندراني، فاقترحت أن تعرّفه إلى أنور ابراهم. هكذا يقول ياسين: «تقابلنا عام 2004. عقدنا اجتماعاً في 2007. وفي أيلول (سبتمبر) 2008، زرت تونس من أجل التمارين. وفي تشرين الأول (أكتوبر)، سجّلنا وانطلقنا في جولة الحفلات. لم أتوقّع أن يكون ابراهم بطيئاً في العمل إلى هذه الدرجة. لكنني أراها نقطة إيجابيّة الآن. هذا الوقت سمح لكلّ واحد منّا بالتعرّف إلى المزاج الموسيقي للآخر على نحو أفضل».
إلى جانب ابراهم، وجد عازف الإيقاع اللبناني إمكانات تُرضي مشاغله التجريبيّة. يؤكّد ياسين الذي يعزف في الأسطوانة على الدربوكة والبندير، أنّ الإيقاع في موسيقى ابراهم، عنصر أساسي يمتلك وظيفة لحنيّة إلى جانب وظيفته الإيقاعيّة. ويضيف بعد إشارة إلى أن «الإيقاع في الموسيقى العربيّة عامةً لم يتطوّر كثيراً»: «أبحث عن مكان الإيقاع الخلاق هذا، منذ بدأت العزف. لا أحب أن تكون «الطبلة» في الصولو لاستعراض المهارات أو للرقّص، إنّما أريدها أن تعكس أحاسيس حقيقيّة، أن تخلق توتّراً إيجابياً».
أُعجب ياسين بمستوى الاحتراف في العمل مع ابراهم. «لم يقفل علينا المربع، بل أبقاه مفتوحاً للتحرّك الموسيقى فيه. منذ الأيام الخمسة التي سجّلنا فيها في استوديو ECM والموسيقى تغيّرت كثيراً. تتغيّر معنا أينما أخذناها في الحفلات الحية، كأنها تنضج على نار هادئة باستمرار». شخصياً، يرى ياسين أنّه أعطى ابراهم من مخزونه في موسيقى الإيقاع الذي لا يقتصر فقط على الثقافة العربية، ما أضفى حسّ الطواعيّة على اللّعب.