strong>نجوم دورته الثالثة سوريّون على حساب الحضور المصري«مهرجان الشرق الأوسط السينمائي» يعيش «نصف بداية» إذا صدقنا مديره الجديد، الأميركي بيتر سكارليت. والرهان على النجوميّة أيضاً مؤجّل، فالسجادة الحمراء لم تطأها أقدام كثيرة. وعلى رغم عرضه بعض الأفلام اللافتة من إيليا سليمان إلى مايكل مور، يمكننا القول إن المبادرة لا تزال بيد منافسه الحميم في دبي

أبو ظبي ــ زياد عبد الله
عاد «مهرجان الشرق الأوسط السينمائي» إلى الواجهة مع انطلاق دورته الثالثة التي تستمر حتى 17 تشرين الأول (أكتوبر) الحالي. هذه المرة، حرص المنظمون على أن تكون نصف الأفلام المشاركة من منطقة الشرق الأوسط، إضافة إلى استحداث جائزة جديدة، تضاف إلى جوائز اللؤلؤة السوداء، خاصة بأفلام تلك المنطقة وتشمل الفئات الثلاث الروائي الطويل والقصير والوثائقي. هذه الخطوة اتّخذها المدير التنفيذي الجديد للمهرجان الأميركي بيتر سكارليت، القادم من خبرة طويلة في إدارة مهرجاني «ترايبيكا» و«سان فرانسيسكو». لكن مهلاً قليلاً، سكارليت أعلن في المؤتمر الصحافي للمهرجان أنّ «الدورة المقبلة ستكون بدايته الحقيقية». وعليه، نحن في صدد نصف بداية هنا. ويبدو أن السجادة الحمراء الخالية من النجوم حتى الآن، ستكون من نصيب سكارليت وحده الذي
العرض الأول لـ«بالألوان الطبيعية» الذي يعيد أسامة فوزي إلى السينما بعد غياب
يُنظر إليه كمخلص للمهرجان ذي الإمكانات المادية الهائلة. النجوم العالميون، باستثناء ديمي مور وهيلاري سوانك، غابوا عن المهرجان رغم أنّ سكارليت أعلن مراراً عن قدومهم، بل صرّح بأن هناك مفاجآت كثيرة في هذا الصدد. حتى جورج كلوني الذي يعرض فيلمه «الرجال الذين يحدّقون بالماعز» لم يأتِ، وكذلك الممثلة البريطانية فانيسيا ردغريف التي كرّمها المهرجان وحضر نيابةً عنها زوجها الممثل فرانكو نيرو. مقابل غياب النجوم، جاءت لجان التحكيم برّاقة ضمّت أسماءً كبيرة. هكذا، ترأس الإيراني عباس كياروستامي لجنة تحكيم الأفلام الطويلة وضمّت اللجنة عضوية المخرج المصري محمد خان، بينما ترأس لجنة تحكيم الأفلام القصيرة يسري نصر الله.
أما غياب النجوم المصريين فبدا جلياً مقابل حضور كثيف للسوريين منذ ليلة الافتتاح مع جمال سليمان وأمل عرفة وحاتم علي الذي يشارك فيلمه «الليل الطويل» في المسابقة وخالد تاجا الذي يلعب دور البطولة، وكاتب النصّ المخرج هيثم حقي.
الافتتاح كان لأوّل مرة مع فيلم عربي هو «المسافر» العائد بخفي حنين من «مهرجان البندقية»، ما أثّر سلباً في استقبال جمهور «مهرجان الشرق الأوسط» له رغم الفضائل البصرية والسينمائية الكثيرة التي تميّز بها شريط أحمد ماهر.
المهرجان سيشهد عرض 129 فيلماً من 49 بلداً، ضمّت أهم الإنتاجات العربية هذا العام. وقد شملت مسابقة الأفلام الروائية الطويلة 17 عملاً بينها اثنان يُعرضان للمرة الأولى هما «إبن بابل» و«بالألوان الطبيعية». يفتح محمد الدراجي في «إبن بابل» ملفّ المفقودين العراقيين من خلال قصّة صبي فقد والده خلال حرب الخليج عام 1991 ويعيش مع جدّته التي سمعت أن بعض الأسرى وجدوا أحياءً في جنوب العراق، فتقرر معرفة مصير ابنها. أما «بالألوان الطبيعية» فيعيد أسامة فوزي إلى السينما بعد غياب خمسة أعوام منذ «بحب السيما» عام 2004. كما تضم المسابقة «الزمن الباقي» لإيليا سليمان و«هليوبوليس» للمصري أحمد العبد الله. ومن إيران، يشارك شريط بهمان غوبادي «لا أحد يعرف شيئاً عن القطط الفارسية» الذي يستشرف حركة الاحتجاج التي شهدتها شوارع طهران أخيراً. وقد أنجزه المخرج الإيراني سرّاً ومن دون تمويل، لكونه ممنوعاً من التصوير في بلده منذ ٢٠٠٧فيما تستكمل التونسية رجاء عماري في شريطها «دواحة» ما بدأته في باكورتها «ساتان أحمر» الذي قدم سيرة امرأة ترفض الانغلاق والخضوع. شريطها الثاني الذي يحمل عنوان أغنية تونسية تؤدّى للأطفال كي يناموا، يتناول قصة عائلة من ثلاث نساء تكتنفها مأساة ويكشف الفيلم فصولها تباعاً. أما حاتم علي فيذهب في «الليل الطويل» ــــ كتب نصّه هيثم حقي ــــ إلى طرح قضية السجن السياسي من خلال تصوير الليلة الأخيرة خلف القضبان لمعتقلين سياسيين ينتظرون الإفراج عنهم. وتضم المسابقة أيضاً شريطاً تركياً هو «10 حتى 11» لإيلين إسمر. علماً بأنّ تركيا اختيرت للاحتفاء بإنتاجاتها عبر عرض سبعة أفلام هي الأحدث من إنتاجات هذه السينما. وخارج المسابقة، سيُعرض جديد جورج كلوني «الرجال الذين يحدّقون بالماعز». الشريط الذي يحمل توقيع المخرج غرانت هسلوف، يستخلص الكوميديا من احتلال العراق، إضافةً إلى شريط جديد مايكل مور «الرأسمالية: قصة حب».
الأفلام المشاركة في المهرجان تمثّل غواية حقيقية لكل متابعي الفنّ السابع، وتضع المهرجانات التي ستلي «الشرق الأوسط» في مأزق، وخصوصاً أنّ المهرجان استقطب أفلاماً تتنافس المهرجانات على عرضها الأول أقلّه في العالم العربي. وهنا نعني منافسه «مهرجان دبي السينمائي» الذي ما زال يحتفظ بالصدارة، وخصوصاً أنّه استطاع أن يبلور خصوصية ما، فشل فيها «أبو ظبي». مع ذلك، الدورة الثالثة من المهرجان «مدججة» بأقوى الأفلام العربية والعالمية. ولعلها وليمة سينمائية بامتياز على صعيد العروض التي تشهد حضوراً جماهرياً غاب العام الماضي. يتزامن ذلك مع استحداث «لجنة أبو ظبي لصناعة الأفلام» التي تموّل المشاريع السينمائية حول العالم و«أكاديمية نيويورك للأفلام» في محاولة لـ«هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث» بجعل أبو ظبي وجهة سينمائية حقيقية. فهل يتناغم «مهرجان الشرق الأوسط» مع هذا المطمح؟