بعد الرسائل القصيرة والمدوّنات و«فايسبوك»، ها هو التدوين المصغّر ينسج خيوطه على الشبكة العنكبوتية وعنوانه... «تويتر»
صباح أيوب
إذا كانت «زقزقة العصافير» (المعنى الحرفي لكلمة Twitter الإنكليزية) الوسيلة الأحدث للتخاطب اليوم، فذلك يعني أنّ المجتمعات ستتواصل مستقبلاً بطريقة أكثر علنية ولغة موحّدة وكلام أقلّ. «تويتر» الذي يعني أيضاً مجموعة أخبار غير مترابطة، هو موقع يسمح لزوّاره بأن «يغرّدوا» مع زملائهم ويتخاطبوا عبر رسائل قصيرة من 140 حرفاً فقط (راجع «الأخبار» 28 أيار/ مايو 2009).
مؤسسو الموقع الأميركيون (جاك دورسي، إيفان ويليامز وبيز ستون) أرادوا له شخصيّة تجمع بين التدوين المصغّر micro blogging والرسائل القصيرة SMS. لكن رغم النزعة «الثقافية» والهوية الخاصة التي حرص مطلقو «تويتر» على تسويقها، إلا أنّ الموقع لا يزال لبعضهم «مجرّد وسيلة تخاطب» أو حتى «أسوأ طريقة لتبادل المعلومات» كما قال بعضهم بعدما جرّبوه! ويعزو بعض مستخدمي الإنترنت سبب «الجفاء» مع «تويتر» إلى أنّه يتوجّه إلى من يعيشون تفاصيل حياتهم اليومية «أون لاين» فترتبط حياتهم الاجتماعية فعلياً بـ140 حرفاً إلكترونياً. كما أن بعضهم يرى أنّ «فايسبوك»

لم يستطع التغلّب على «فايسبوك»
سلب «الجمهور» من باقي المواقع المشابهة وأوّل ضحاياه «تويتر». السؤال الجوهري الذي بُني الموقع عليه هو «ماذا تفعل الآن؟» لذا، فالإجابات قد تراوح بين: «أتناول الفطور» أو «أنا يائس» أو حتى «أنا موقوف في السجن!». و«تويتر»، كما المواقع المشابهة، بات المنصّة المفضّلة لمطلقي الحملات على أنواعها... واكتسب شهرة خلال حرب غزة والأحداث الاحتجاجية الإيرانية الأخيرة. وفي مواكبة تظاهرات إيران، استُخدم «تويتر» من المحتجين وسيلة تواصل ومن السياسيين وسيلة تعبئة، كما استخدمته وسائل الإعلام العالمية مصدراً معلومات. علماً بأن بعض المصادر المتخصصة أشار إلى أنّ عدد مستخدمي «تويتر» خلال الأحداث الإيرانية لم يتعدّ 20 «لكن الإعلام الغربي ضخّم الأمر ليضيء على قمع الصحافيين والمحتجّين في إيران».
إذاً، وبرصيد لا يتعدى 140 حرفاً وصفحة خاصة تعرّف بها عن نفسك، يستطيع الفرد أن يعبّر عن أفكاره على مدى اليوم ويكتسب «أتباعاً». و«الأتباع» هم الأشخاص الذين «يتبعون» أحدهم على الموقع فيعلّقون على ما يكتبه ويراقبون التحديثات والرسائل الجديدة الواردة من الشخص «المتبوع» فيتفاعلون معها. لكن مَن يضبط كل هذه «الزقزقة»؟
في عشّ «تويتر» الواقع في ولاية سان فرانسيسكو، يعمل 52 شخصاً بين تقني ومصمم وخبير «ويب» يتلقون وينظّمون رسائل 35 مليون شخص في العالم. «نريد أن نكبر بهدوء وعقلانية. كنا محظوظين جداً، لكنّ ذلك لا يعني أننا عباقرة!» يقول المدير الإبداعي لـ«تويتر» بيز ستون في مقابلة مع الـ«غارديان». وعن الفرق بينهم وبين «فايسبوك»، يوضح أنّهم يركزون على «المنحى الثقافي لهوية تويتر»، وهو لا يرى مانعاً من «منافسة شريفة» مع «فايسبوك» فحالهما، كما وصفها، كـ«بيبسي» V/S «كوكا كولا».
على خلاف «فايسبوك»، لا يحوي «تويتر» ألبومات صور ولا يبني عالماً افتراضياً (كتملّك منزل افتراضي أو تبادل هدايا)، بل يقتصر عمله على الرسائل القصيرة مع صورة صغيرة توضع بجانب الاسم. مع ذلك، هما يصبّان في الخانة التفاعلية نفسها، حيث يعبّر الفرد عن أحاسيسه ويشارك الآخرين يومياته. بين الثرثرة والحاجة إلى التواصل، ينضم «تويتر» إلى المواقع التي تبقي الأشخاص على اتصال لكنها تخفض، كما المواقع الأخرى، فرص التخاطب المباشر. فهل يملّ الناس قريباً من الزقزقة؟