strong>ليال حدادفي عام 2007، أطلّ مراسل قناة «المنار» ضياء أبو طعّام على مشاهدي المحطة من أعماق بحر بيروت. يومها كان الصحافي الشاب يلاحق موضوعاً بيئياً يتعلّق برمي شركة «سوليدير» لكميات كبيرة من نفايات مكبّ الـ«نورماندي» في قعر البحر. هذا المساء، من أعماق البحر أيضاً، يطلّ أبو طعّام من جديد، لكن هذه المرة بمهمة مختلفة: تصوير الغواصة الفرنسية «سوفلور» Souffleur التي غرقت قبالة شاطئ خلدة (جنوبي بيروت) فجر 25 حزيران (يونيو) عام 1941، إثر الهجوم البحري والبري البريطاني على قوات حكومة فيشي في لبنان وسوريا.
قد يبدو هذا الموضوع التاريخي العلمي غير جذّاب للوهلة الأولى، بل «جافاً». لكنّ التفاصيل التي يشرحها أبو طعّام لـ«الأخبار» تتخطّى التقويم الأوّلي. «الفائز هو مَن يكتب التاريخ» يقول في إشارة إلى أنّ فوز «الحلفاء» في الحرب العالمية الثانية وانهزام ألمانيا النازية وحلفائها ـــــ بينهم حكومة «فيشي» الفرنسية» ـــــ حوّل هذه الغواصة إلى معلم تاريخيّ منسيّ. «شارل ديغول رأى أنّ حكومة فيشي حكومة خائنة وعميلة، وبالتالي فإنّ الحكومات الفرنسية المتتالية تعاطت مع الغواصة والـ52 عسكرياً الذين سقطوا فيها على هذا الأساس»، يشرح مراسل «المنار»، مؤكداً أنّ الصعوبة الوحيدة التي واجهته كانت الحصول على وثائق تتعلّق بهذه الحادثة.
تجاهلت السلطات الفرنسية إذاً هذا الملفّ، إلى أن اكتشف صيادون لبنانيون الغواصة عام 1972. لكن رغم ذلك رفضت الجهات الفرنسية المختصّة الاهتمام بالموضوع، إلى درجة أنّ ركام الغواصة كاملاً لا يزال في قعر البحر، وجثث طاقمها بقيت في داخلها «وقد سرق عدد من اللبنانيين عظام الجثث» يقول أبو طعّام.
يتخلّل الشريط الوثائقي الذي يحمل عنوان «دفينة المتوسّط»، جولة في الغواصة، إضافة إلى مواد أرشيفية نادرة وصور تُعرَض للمرة الأولى حصلت عليها «المنار» من شركات إنتاج تبيع مواد أرشيفية، فضلاً عن أنّ الملحق العسكري السابق في السفارة الفرنسية زوّد فريق العمل مجموعة من الصور. كذلك، يعرض الشريط رسوماً بيانية وتصاميم ثلاثية الأبعاد لطريقة الهجوم على الغواصة وإغراقها. هذا إضافة إلى تحاليل عسكرية يقدّمها خبراء.
وماذا عن الشهود العيان الذين قد يملكون معلومات دقيقة عن الغواصة؟ يشرح أبو طعام صعوبة الوصول إلى أقرباء الطاقم الذي غرق ومات، فيما تعذّر الوصول إلى أي شاهد لبناني، بسبب قدم الحادثة. مدة الشريط 57 دقيقة، أعدّه وأخرجه أبو طعام فيما صوّر المشاهد تحت الماء، مصوّر «المنار» ركان حرفوش.
هذا المساء 18:30 على «المنار»


مفقودون وآثار بحرية

انتهى ضياء أبو طعّام من إعداد وثائقي جديد سيعرض الشهر المقبل على «المنار» يدور حول الدبلوماسيين الإيرانيين الأربعة الذين خُطفوا في بيروت، ولا يزال مصيرهم مجهولاً حتى الساعة. أما الوثائقي الثاني الذي يعدّه فتدور أحداثه أيضاً تحت الماء، لكن موضوعه أشمل من «دفينة المتوسّط»، إذ يتناول موضوع الآثار والمعالم الموجودة تحت المياه في لبنان، ويسلّط الضوء على بعض أبرز الأماكن التي يمكن الغوص ومشاهدتها في لبنان. كذلك يعرض الشريط أزمة النفايات التي بدأت تؤثّر على هذه المعالم البحرية، مسلّطاً الضوء على إهمال الدولة لكلّ ما يدور تحت الماء.