خليل صويلحالأحجام الكبيرة للصور تنطوي على رغبات هذا المصوّر في محاكمة حقبة، لطالما نظرنا إليها بحنين. لكنه هنا يعمل على إطاحة تلك الذاكرة، وزعزعة ثباتها. هناك صورة لمجموعة من الضباط في لباس الميدان ملتقطة في استديو تُبرز هشاشة وجوههم الممحوة، إذ تختفي ملامحهم تماماً، لتبقى البزة العسكرية وحدها على سطح الصورة. الأمر نفسه يتكرّر في لقطة أخرى لمجموعة من رياضيي كمال الأجسام. في المعرض أيضاً يمكن أن ننظر مليّاً إلى إمرأة منكسرة تقف أمام سيارة عسكرية متهالكة، لعلّها تختزل واقع الحال الذي تكشّف لاحقاً عن هزائم متعاقبة، أو أنها إجابة على محتويات صورة الضباط. الصور الملتقطة بالأبيض والأسود محاطة بتماثيل قديمة أتت بالألوان لتمنح المتلقّي تصورات مضادة عن معنى التاريخ المجيد. هكذا تأخذ المسوّدات منحىً آخر في صياغاتها التعبيرية، لتقترب من العمل التشكيلي. الصور المطبوعة على ورق ممزوج مع القطن وحبيبات الفضة المتآكلة، إضافة إلى الخدوش الأفقية والعمودية، زادت من الإحساس بوطأة الزمن الآفل وثقل حضوره. يقول عمّار البيك موضحاً: «بين آدم وحواء تصبح المدينة أكثر خواء، وتسقط التفاحة هاربة من كليهما وهي مصابة بالعفن».