بشير صفيربعد مسيرة فنية حافلة بدأها في السبعينيات، أصدر عازف الغيتار اللبناني وليد قطيِّم ألبوماً خاصاً بعنوان Where I wanna be (حيث أريد أن أكون). بدايةً، لا يمكن اعتبار هذا العمل باكورة قطيِّم، إذ يبدو واضحاً عدم وجود مشروع موسيقي لديه في هذا السياق. بمعنى آخر، الاستماع إلى الألبوم لا يوحي بأنّه محطة انطلاق تجاه محطة تالية. هذا الوصف ليس أمراً سلبياً ولا إيجابياً، بل محاولة لوضع الأسطوانة في إطارها الصحيح ضمن السياق التاريخي لمسيرة صاحبها. وبالتالي، فإن عدم أخْذ هذه المقاربة الخاصة في الاعتبار، يُحيلنا إلى السؤال عن جدوى صدور ألبومٍ بمواصفات عشرات الأعمال المشابهة التي غطّت فضاء العالم الغربي و(خصوصاً بريطانيا وأميركا) في الستينيات والسبعينيات والثمانينيات. لكن هوية Where I wanna be الحقيقية تدحض هذا التساؤل السلبيّ النبرة، ويصبح صدوره ضرورةً تاريخية أكثر منها فنية. ما هي إذاً هذه الهوية التي استدعت هذه المقدمة؟ أسهم وليد قطيِّم في العديد من المشاريع الموسيقيّة المحليّة منذ أكثر من ثلاثة عقود. واشتهر أولاً كعازف غيتار كهربائي مع فرقٍ لبنانية تأثرت منذ السبعينيات بتيارات غربية كانت تُعتبر مكرَّسة أو حديثة آنذاك (روك، بلوز، فانك، روك تطوُّري، بلوز ـ روك، جاز ـ روك،...).
اليوم، يبدو أنّ الفنان الخمسينيّ أراد توثيق هذه المرحلة من خلال ألبوم موسيقي ـــــ أشبه بألبوم صور بالأسود والأبيض ـــــ يضم مؤلفاته الخاصة نصاً وتلحيناً وغناءً. لا يوجد أدنى دلالة على أن قطيِّم يهدف إلى خوض غمار الشهرة في سوق بيع الأسطوانات أو تقديم تجربة تنافس النتاج الفنّي الغربي الشبابي الحديث. بل كل الدلالات تشير إلى أن خطوته هذه هي تحية نوستالجيا إلى وليد قطيِّم المراهق والشاب وذكرياته وهمومه المشتركة مع «الشبيبة».
وهي بالمناسبة تحية أمينة بما أنها لا تحتوي على أي مكوِّن فنّي لا يمت إلى الماضي بصلة (لا نمطياً ولا تكنولوجياً)، كأنّها تقول من دون ادعاء لِمَن سيقع عليها: «هكذا كانت أيامنا» (لجيل اليوم). أو «أتذكر تلك الأيام؟» (لجيل الأمس).
حوت الأسطوانة مجموعة أغنيات بالإنكليزية، أسهم في إنجازها تسجيلاً وإعداداً وعزفاً منير الخولي، شريك وليد منذ السبعينيات. كما حلّ ضيفاً عابراً، كمَن يوقِّع على دفتر ذكريات، كلٌّ من زياد الرحباني وسامي شبشب وأرتور ساتيان وجيريمي تشابمن.
في كتيِّب الأسطوانة، عدَّد وليد قطيِّم «أبطاله الموسيقيين» كما سمّاهم، وخَصَّ أحدهم بـ«بورتريه» على الغلاف: هل تتذكرون فرانك زابّا؟!