صباح أيوب«لقد قيل الكثير عن انعدام شعبية الرئيس جورج بوش في العالم، لكن ماذا عن الدول التي تمتّع فيها الرئيس بشعبية كبيرة؟...» ماذا عن الشعوب «التي ستشتاق إليه فعلاً بعد رحيله؟...». «على الرغم من الإحصاءات التي تفيد أنّ نسبة رفض الشعب الأميركي له بلغت 73 في المئة، بإمكان بوش أن يطمئِنّ لأنّ الوضع ليس هو نفسه لدى مواطني الدول الأخرى، فإسرائيل ولبنان ودول أفريقيا ستشتاق إلى بوش»!
هذه ليست مقاطع من مقدّمة نص صادر عن البيت الأبيض يحاول تلميع ما يمكن إنقاذه من صورة الرئيس الأميركي قبيل مغادرته، بل هي مقدّمة جدّية لمقال كتبته كيم غطّاس (الصورة) المراسلة اللبنانية لـ «هيئة الإذاعة البريطانية» ونُشر على موقع «بي بي سي» الأسبوع الماضي.
في «الدول التي ستشتاق إلى جورج بوش»، دأبت مراسلة «بي.بي.سي» حالياً في وزارة الخارجية الأميركية، على إظهار الرئيس الأميركي متمتعاً باحترام، وحبّ بعض الشعوب. لا، الرئيس بوش ليس مكروهاً ولم يرتكب السوء أينما حلّ، وإليكم الدلائل على ذلك. هذه هي الفكرة الأساسية التي بنت عليها غطاس مقالها، كأنّ المراسلة لم تخرج قطّ من أروقة وزارة الخارجية في واشنطن، فلم تسمع عن بوش سوى عبارات التبجيل والشكر والامتنان. وعلى رغم الإجماع الأميركي والعالمي على الصورة السلبية التي سيتركها الرئيس المنتهية ولايته اليوم، وخصوصاً في ظل دعمه الهجوم الإسرائيلي الحالي على غزة، أصرّت غطاس على رؤية الوجه المشرق للرئيس. وها هي تبيّن ـ مستعينة بباحثين محافظين من أشهر مؤسسات المحافظين في أميركا («هووفر» و«هادسن») ـ أسباب شكر إسرائيل لبوش الذي اشتهر «بدعمه المطلق لها»، ومعددةً إنجازاته في دارفور ومساعداته الإنسانية الجمّة في أفريقيا...
لكن المراسلة اللبنانية الأصل، لم تنسَ جذورها. إذ نصّبت نفسها ناطقة باسم الشعب اللبناني وأدرجت لبنان على لائحة «المشتاقين إلى بوش». هكذا، خصّصت غطاس فقرة بعنوان «خيبة أمل مريرة» عرضت فيها مواقف بوش الداعمة للبلد بعيد اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري واصفة إياها بـ «المريحة». كما ذكّرت أنّ ما حققته «ثورة الأرز» يسجّل كـ«إنجاز ناجح» في «أجندة الحرية» التي أعدّها بوش. لكنّ غطاس عبّرت عن «مرارة» شعرت بها القيادات اللبنانية الحليفة لأميركا عندما لم تطلب إدارة بوش وقفاً سريعاً لإطلاق النار في حرب تموز 2006.
لم تنتبه مراسلة «بي بي سي» إلى أنّ دعم بوش لإسرائيل ليس بحاجة إلى مقال وداعيّ تذكيري مع ما يحصل في غزة حالياً، ولم تشكّ طالبة العلوم السياسية لحظةً في أنّ تدخُّل أميركا في أفريقيا قد تكون له أهداف كثيرة عديدة كالموارد الطبيعيّة وتسويق السلاح ومنافسة الصين وليس لتنظيم «حملة ضد مرض السيدا» (!) لكنّ يبدو أنّ ابنة البلد أرادت أن تحتفل على طريقتها بمرور سنة على تعيينها مراسلةً في الخارجية الأميركية، فصرخت عالياًً: شكراً بوش، شكراً وزارة الخارجية!