اختتم مؤتمر «حقوق المؤلف، الحقوق المجاورة والإدارة الجماعيّة لهذه الحقوق»، على أمل لقاء أشمل ضمن فعاليات بيروت عاصمة عالميّة للكتاب 2009
زينب مرعي
أبصر قانون الملكيّة الأدبيّة والفنية الضوء في لبنان عام 1999، متأخراً 300 سنة عن القانون الأول الصادر في بريطانيا عام 1709. وبعد عقد من الزمن، ما زالت قوانين حقوق المؤلف والحقوق المجاورة في لبنان والدول العربيّة، غير قادرة على أخذ طريقها إلى التنفيذ. بهدف تسليط الضوء على هذه القضيّة الشائكة، أُقيم في قصر الأونيسكو أخيراً مؤتمر «حقوق المؤلف، الحقوق المجاورة والإدارة الجماعيّة لهذه الحقوق»، بمبادرة من «المنظمة العالميّة للملكيّة الفكريّة» (وايبو) ووزارة الثقافة. حاول المؤتمر تغطية معظم جوانب حقوق المؤلّف والحقوق المجاورة، فتناول الشقّ القانوني والاقتصادي والمعنوي، إلاّ أنّ الحصّة الأوفى كانت للجانب القانوني. إذ إنّ حق المؤلّف هو مفهوم قانوني بالدرجة الأولى، كما قالت فاطمة دبّوسي، المديرة المساعدة لمكتب «وايبو» العربي.
القانون اللبناني للملكيّة الأدبيّة والفنّية، عبارة عن موزاييك من القوانين العالميّة، جمع بنوده من قانوني حماية الملكيّة الفكريّة الأميركي والفرنسي... ومن معاهدتي برن (1886) ــــ وهي أول معاهدة لحماية حقوق المؤلّف ــــ ومعاهدة روما (1961) التي أرست مبدأ حماية الحقوق المجاورة. ويصف المحامي رمزي سلوان هذه الخلطة بـ«عادة لبنانيّة غريبة»، لكنّه قانون شامل يلبّي آمال جميع الأطراف. وهو يتميّز باعتبار دور النشر جزءاً من «الحقوق المجاورة للمؤلّف» وتضمّ في القوانين العالميّة ثلاث فئات هي: منتجو التسجيلات السمعيّة، شركات ومؤسّسات البثّ التلفزيوني والإذاعي، والفنّانون المؤدّون. ويحدّد القانون اللبناني الحقوق المعنويّة للمؤلف بأربعة وهي: حق الإشهار، الأبوة، التراجع واحترام المصنّف. مع ذلك، يسمح بالمناورة، إذ يعطي الحق باستعمال أعمال المؤلّف من دون استشارته في 14 حالة استثنائيّة!
وأشارت القاضية رندى كفوري إلى أنّ مشكلة القضاء اللبناني تكمن في افتقاره إلى الخبرة في هذا المجال، لكنّه يسعى إلى التطوّر، مضيفةً أنّه عُرِض على مجلس الوزراء أخيراً معاهدتا WCT وWPPT، المتعلّقتان بحقّ المؤلّف في المحيط الرقمي، وتنتظران التصديق عليهما. مع نشوء الإنترنت، كثرت النشاطات غير الشرعيّة، منها مواقع المزادات حيث تباع برمجيّات مسروقة تسوّق على أنها أصليّة.
يشرح علي الحركة، ممثل اتحاد منتجي برامج الكمبيوتر التجاريّة BSA، ومدير مكتب حماية الملكية الفكريّة في مكتب «مايكروسوفت» في لبنان، أنّ هدف BSA التي تأسّست عام 1988 ــــ و«مايكروسوفت» أحد أعضائها ــــ هو نشر التوعية عن أهميّة قطاع الملكيّة الفكريّة. ويقع على عاتق الاتحاد تثقيف الجسم القضائي بشأن حماية حقوق الملكيّة الفكرية، وتدريب الشركات التي تنتج البرمجيات على تطوير برمجيّات جيدة تحمي المستخدمين من اختراق الشبكات والمعطيات الموجودة على الأجهزة (السجل العدلي، مستشفيات...)، مكافحة التعدّيات على الإنترنت، وتدريب أجهزة المكافحة على تمييز الأقراص المدمجة المقرصنة من تلك الأصليّة، وحماية العلامات المسجّلة.
رئيس مصلحة الشؤون الثقافيّة والفنون الجميلة في وزارة الثقافة حنّا العميل، ركّز على أهميّة نشوء هيئات الإدارة الجماعيّة التي تقوم نيابةً عن أصحاب الحقوق المنضوين تحتها، بتنظيم العقود مع المنتفعين بالأعمال المحميّة التي تمثّلها، وجباية البدلات الماليّة الناتجة من هذا الانتفاع، وإعادة توزيعها على مستحقيها من أصحاب الحقوق وفقاً لمعايير علميّة دقيقة.
وقد حضر المؤتمر عدد من الملحّنين اللبنانيين، بينهم عبده منذر الذي صرّح بأن الأبحاث والنقاشات فتحت عينيه وأعين زملائه على أمور كثيرة. إلاّ أنّه وفادي سعد رفعا صوتيهما ضدّ المندوبيّة الفرنسيّة لجمعيّة المؤلّفين والملحّنين والناشرين الموسيقيين (SACEM)، بحضور وكيلها في لبنان سمير تابت. وقال منذر إنّ تابت لم يكن عادلاً بالجباية أو التوزيع الصحيح على أصحاب الحقوق من الموسيقيين.
ولمتابعة موضوع حقوق المؤلّف، سيُقام مؤتمر آخر على نطاق أوسع، في تموز (يوليو) 2009 ضمن فعاليات بيروت عاصمة عالميّة للكتاب.