عن «الفهلوة» ومهند ونور والديجيتال و... «سماحة الإسلام» القاهرة ــــمحمد خير
إذا اعتبرنا أن «الخصوصية» شرط لا بدّ منه لكل مهرجان عريق، فإن خصوصيّة «مهرجان القاهرة السينمائي الدولي» تنبع من مفهوم مصري شهير هو «الفهلوة»! غداً، تفتتح الدورة الـ32 من المهرجان العربي الأعرق، والأشد تعرضاً للانتقادات، والأكثر فأكثر استهدافاً من قبل مهرجانات في الخليج والشام والمغرب. تلك المنافسة، الشرسة أحياناً، تفرضها تظاهرات جديدة أقل فوضى، وأفضل تنظيماً، وأكثر بذخاً، وأقدر على جذب النجوم. ووسط المعمعة، ما زال «مهرجان القاهرة السينمائي الدولي» يستند إلى صفته الدولية، محاولاً الحفاظ على تفرّده بها حتى إشعار آخر، متّكئاً على وجوده في بلد ما زال يتميّز عن سواه بأنّه «مصنع» السينما العربيّة، حيث صالات العرض تفيض بالجمهور على مدار السنة. هذا فيما يخص السينما، فماذا عن «الفهلوة»؟الأكيد أنّ عنوان «سماحة الإسلام في السينما العالمية» لم يكن في «نوايا» القائمين على المهرجان الذي يستمرّ حتى 28 الحالي، ولم يرد في تصريحات أيّ منهم طوال فترة ما قبل المهرجان. لكنّ أفلاماً معيّنة وردت إلى إدارة المهرجان للمشاركة في الأقسام المعروفة، دفعت الإدارة إلى عرض تلك الأفلام في سياقين مختلفين: الأول هو المسابقتين الدولية والعربية، والثاني هو قسم خاص عنوانه «سماحة الإسلام في السينما». هكذا تقدّم المخرج الجزائري، عامر زميش، للمشاركة بفيلمه «الأذان» في مسابقةالأفلام العربية، فإذا بالمهرجان يقرّر عرض الفيلم أيضاً في قسم «سماحة الإسلام» مع ستة أفلام أخرى بينها الشريط الإسباني «العودة إلى حنصلة» لشوس بوتيريز. وهذا الشريط سيفتتح المهرجان ضمن 23 فيلماً إسبانياً، لمناسبة اختيار إسبانيا ضيفة شرف الدورة. ويحكي الفيلم قصّة ليلى المغربية المهاجرة التي تعود إلى بلادها مع جثمان شقيقها الأصغر بعد غرقه أثناء هجرته غير الشرعيّة إلى إسبانيا. وعموماً، تتمحور تيمات الأفلام الإسبانية حول الهجرة السريّة التي تحصد مئات الأرواح سنويّاً.
ويكرّم المهرجان من مصر محمود ياسين وبوسي وسميرة أحمد، ومهندس الديكور نهاد بهجت، ومدير التصوير طارق التلمساني. وعلى رغم استضافة عدد من النجوم العالميين (وتكريمهم)، مثل كيرت راسل وتشارليز ثيرون وإليشا سيلفرستون وسوزان ساراندون، إلّا أنّ المهرجان يبقى أقلّ قدرة من المواعيد العربية المنافسة على جذب الأسماء البراقة. فنجوم هوليوود يفضّلون مهرجاني «أبو ظبي» و«دبي»، بينما نجوم أوروبا وفرنسا يعتبرون ضيوفاً دائمين في قرطاج ومراكش. وحتى السينما التركيّة لم يبق للقاهرة منها سوى النجمين: كيفانج وسينجول دول اللذين يعرفهما الجمهور العربي باسمي مهنّد ونور. وقد أثارت دعوتهما سخرية الصحافة، ما دعا إدارة المهرجان إلى التقليل من أهميّة حضورهما ووضعهما ضمن إطار المشاركة في تقديم الجوائز لا أكثر!
ويستمرّ المهرجان للعام الثاني في تقديم جوائز لأفلام الديجيتال (الطويلة) التي يتنافس خلالها 12 فيلماً على جائزتين، ذهبية (عشرة آلاف دولار)، وفضية (6 آلاف دولار)... ويضاف إلى هذه البادرة ندوة عن «السينما الرقمية» التي تستعرض تجارب مصريين وعرب ذوي خبرة في العالم الرقمي. والندوة واحدة من سلسلة ندوات يقيمها المهرجان، أهمها ندوة «السينما كمنبر للدفاع عن حقوق الإنسان».
وعلى رغم الندوات وفعاليات الاتصال الفني والثقافي واستحداث الأقسام الخاصة، فإنّ تركيز الإعلام سينصبّ على المسابقتين الدولية والعربية اللتين يتنافس فيهما عدد متقارب من الأفلام. في المسابقة الدولية، يتنافس 18 عملاً، منها فيلم مصري عربي وحيد هو «يوم ما اتقابلنا» للمخرج إسماعيل مراد. والبقية أفلام من إيطاليا (الجسد)، والصين (العثور على شانغري لا)، واليابان (حرب الشاي)، وتركيا (المبعوث)، وروسيا (الإمبراطورية الخفية)... . وتشارك فرنسا بفيلمين هما «بصمة الملاك» و«سيرافين».
ويرأس لجنة التحكيم الإسباني أميندول أوريبي، وبين أعضائها الفلسطيني هاني أبو أسعد، والمصري محمد خان، والإيطالية غراسيا فولبي، والممثلة السورية سوزان نجم الدين. بينما يرأس اللبناني جان شمعون لجنة تحكيم مسابقة الأفلام العربية التي يتنافس فيها 15 عملاً من ثماني دول. من مصر: «خلطة فوزية» لمجدي أحمد علي (عاد الفيلم من مهرجان «أبوظبي» بجائزة أفضل ممثلة لبطلته إلهام شاهين)، و«بصرة» أول الأفلام الروائية الطويلة للمخرج أحمد رشوان، و«بلطية العايمة» لعلي رجب. من سوريا يشارك عبد اللطيف عبد الحميد بـ«أيام الضجر» (نال جائزة «أفضل فيلم عربي طويل» في مهرجان «دمشق السينمائي» الأخير)، وريمون بطرس بـ«حسيبة». وتتمثّل فلسطين برشيد مشهراوي في «عيد ميلاد ليلى»، وآن ماري جاسر بـ«ملح هذا البحر». أما تونس فتحضر من خلال «الحادثة» لرشيد فرشيو الذي أثار جدلاً كبيراً لأنّه نقل بجرأة صوراً عن ممارسات رجال الأمن في بلد بن علي، و«خمسة» لكريم دريدي. وتشارك البحرين بـ “أربع فتيات” لحسين الحليبي)، والمغرب بـ«رقم واحد» لزكية الطهري، ولبنان بـ«ميلودراما حبيبي» لهاني طمبا.