نزار حسن
قصدت شيئاً آخر...
لا يفهمه العقل الريفي


يوم 22 أيلول/ سبتمبر الحالي، تصدّر دفتر «ثقافة وناس» خبر نقدي من بضعة أسطر عن نزار حسن وفيلمه «جنوب» المشارك في «مهرجان الإسماعيليّة». وردنا من السينمائي الفلسطيني المذكور ردّ مطوّل ننشر هنا أبرز نقاطه:

وُصف «جنوب» بأنّه قدّم من خلال «نظرته المتسرّعة إلى الطائفة الشيعيّة، صورة اختزاليّة للصراع السياسي في لبنان والمنطقة». مع أنّ الفيلم لم يتطرّق إلى هذا الموضوع كموضوع الفيلم، بل إلى شيء آخر كلياً... أعطيت مقابلة لجريدتكم، قبل أكثر من شهرين، ولم تنشر (...)، فيها شرحت كيف أن الفيلم هو مجاز لحوار أكبر مما هو ظاهر. حيث إنّ الأفلام يجب أن تكون، موضوعها الظاهر ليس موضوع الفيلم بل مدخل إلى الموضوع الباطن أو المواضيع غير المرئية (أي ما لا يستطيع العقل الريفي فهمها).
و«اتُّهمت» بأنني أُسمّي «عدوان تمّوز» بـ «الحرب بين إسرائيل وحزب الله» (...) في حين أني أردت أن أوضح للمشاهد بعض المصطلحات التي استعملتها شخصيّات الفيلم (...) من ضمنها حرب صيف 2006، فشرحتها على أنّها الحرب بين إسرائيل وحزب الله: إسرائيل/ «غوليات» وحزب الله/ «دافيد» إن أردتم، الخبث من وراء الشرح! (...) وأنا أقبل ما قالته إحدى شخصيات الفيلم (بيسان طي)، من أن حزب الله خاض المعركة نيابةً عن لبنان، لأنّ الدولة في لبنان في حل من هذه الأمور، وغير موجودة، وهذا ما دفعني أكثر لكتابة هذا الشرح بهذه الصيغة.
(...) كنّا وما زلنا نردّد في كل العالم، من فلسطين إلى فنزويلا: هذه حرب إسرائيل وأميركا والسعودية ضد كل من يريد السلام والكرامة والعدالة في هذا العالم... حرب يخوضها حزب الله بالنيابة عنا، ودفاعاً عنا، ضد إسرائيل... كما تخوضه إسرائيل بالنيابة عنها، وعن كل أنظمة الاستغلال والعنف والحرب في العالم (...)

نزار حسن

نزار حسن سينمائي إشكالي ومثير للجدل، هكذا أحببناه ودافعنا عن أعماله التسجيليّة ذات الأسلوب الخاص. ومن حقّنا أيضاً أن نطرح علامات استفهام حول شريطه الأخير «جنوب» الذي حققه للتلفزيون الفرنسي ـــ الألماني arte. أشرنا إلى الفيلم في زاوية «نازل» التي تنتقد حدثاً ثقافياً معيّناً، وما زلنا مصرّين على نظرتنا النقديّة تلك، رغم تفسيرات المخرج الواردة أعلاه. يقدّم «جنوب» نظرة اختزاليّة وكاريكاتوريّة إلى طائفة لبنانيّة، أيّاً كانت، في سياق السعي إلى اكتشاف غناها وتنوع أصواتها. بل يقارب عدوان 2006 بطريقة ناقصة في أفضل الحالات، ولا تترجم الموقف الذي يعلنه بوضوح في هذا الردّ. هل الفيلم، من حيث يعي أو لا يعي صاحبه، أخذ بعين الاعتبار حساسيّة المتلقّي (والمنتج) الغربي الذي يتوجّه إليه أساساً؟ في انتظار أن يعرض «جنوب» عربيّاً كي نستكمل النقاش، نطمئن نزار إلى أن الحوار الذي أجري معه ضمن تحقيق عن السينما الفلسطينيّة سينشر لاحقاً في «الأخبار»، وأنه ليس ضحيّة رقابة من أي نوع.
(التحرير)