علي زراقطبعدما مات صديقه، يمسك الرجل بالريموت كونترول ليعيد الوقت إلى الوراء، إلى ما قبل مقتله. قد تكون هذه هي اللحظة المحورية في فيلم «ألعاب مسلية» لمايكل هانيكي الذي يعرض حالياً في الصالات اللبنانية.
المخرج النمساوي الذي أنجز النسخة الأولى من «ألعاب مسلية» عام 1997، يعيد إخراج هذا الفيلم بنسخة هوليوودية متطابقة تماماً.
يحكي الشريط قصّة عائلة ميسورة مؤلّفة من زوج (تيم روث) وزوجة (نعومي واتس) وطفليهما، تقوم برحلة إلى بيتها الصيفي على ضفاف بحيرة ريفيّة لقضاء عطلة طويلة. كل شيء يجري جيداً حتى الآن. حتى أنّ تصوير هانيكي للسيارة وهي تعبر الطرق، على درجات انعكاس مختلفة للظل مع موسيقى كلاسيكية، يعطي إحساساً بالاسترخاء ويذكّرنا باللقطات المذهلة في بداية The Shining لستانلي كيوبرك.
عندما تصل العائلة، تبدأ المشكلات، إذ يظهر شابان غريبا الأطوار (مايكل بيت وبرادي كوربت) بلباس بولو أبيض، ومع قفازات بيضاء ويحتجزان العائلة في منزلها، ويبدآن بالتفنن في التعذيب «من أجل المتعة» فقط. وهنا بيت القصيد عند هانيكي الذي ينتقد صناعة أفلام الحركة والإثارة.
«ألعاب مسلية» الذي يصنَّف من أفلام العنف والإثارة، يسخر من هذه الأفلام عبر مشهد الريموت كونترول أو عبر كلام الممثل إلى الكاميرا عن المرح في التعذيب. يحاول هانيكي أن يضع المشاهد في ارتباك بين استمتاعه بمشاهد العنف المنفذة بطريقة جيدة، والسؤال عن جدواها ومدى أخلاقيتها في آن. تسبُّبُ الارتباك للمشاهد هو المحور الذي تُبنى عليه الدراما.
يعمل الفيلم على طريقة ألعاب الفيديو، حيث يصبح تعذيب الخصم (الهدف) مجرد تسلية، وذلك عبر برودة الصورة وبرودة ردّات الفعل، وعدم الاعتماد على التقطيع الانفعالي، بل على تقطيع متقن محسوب سلفاً، إلا أنّه في لحظات متباعدة، يعود ليذكرنا بإنسانيّة الضحايا، من خلال لقطات قريبة، ولحظات حميمة بين الأم وابنها، والأم وزوجها.
لا يبدو غريباً، لمن يقرأ الفيلم جيداً، أن يعيد مايكل هانيكي إخراج السيناريو نفسه بطريقة متطابقة لقطةً لقطة، إذ إنّ هذا يدخل أيضاً ضمن مفهوم ألعاب الفيديو العنيفة التي لا تلبث أن تعيد نفسها في كل مرة تبدأ بلعبها من جديد. كأن هانيكي يقول بذلك إنّ مَن يستمتع بألعاب الفيديو العنيفة التي تعيد نفسها، لا بدّ من أن يستمتع بأفلام عنيفة تعيد نفسها.

Funny Games ــــ «أمبير صوفيل» (الأشرفية ــ 01/204080) ــــ، «بلانيت الزوق» (09/221363)