سناء الخوريالغابة المتخيّلة قد تكون عالماً أفضل تبحث عنه إيدي، نوعاً من اليوتوبيا يندرج نقلها على القماش في خانة السهل الممتنع. كل ألوان الغابة موجودة في الأعمال، إذ يبدو واضحاً الجهد الذي بذلته التشكيلية في مزج الألوان رغم تنوّعها وغناها، وذلك في محاولة لنقل المتلقّي إلى ذلك البعد الآخر الغريب عن الواقع. كلّ لوحة هي جزء تفصيليّ من تلك الغابة الافتراضيّة التي تعكس ميل الفنانة إلى الجمع بين الترميز والبساطة المطلقة. رغم تغيير الواقع النظري للمشاهد الطبيعية واللعب على تناقضات الأبعاد، تقول غالينا إنّها هي التي تصنع مدرستها الخاصّة من دون التأثر بمدرسة معيّنة، إذ تعتقد أن الالتزام بمدرسة واحدة يحدّ من حريّة الفنان. قد يكون تنقلها بين العديد من المعارض في روسيا وإسبانيا ولبنان منحها هذه الرغبة بالتنويع والتجريب. في المقابل، يبدو الأسلوب في انسجام تام مع شخصيّة الفنانة التي تعطي الأولوية لجمالية اللوحة من دون أن تشتّ عن الموضوع الأساسي للمعرض. ففي حين طغت اللوحات النهارية، وما فيها من تركيز على إبراز كل عناصر الطبيعة في انسجام كامل، عبر استخدام الألوان المضيئة، فضلاً عن الأخضر والبني والأزرق، نرى بعض اللوحات الليلية التي يحتل القمر جزءاً كبيراً من مساحتها في لعب جميل على ظلال الأغصان والفراشات، فضلاً عن لمسة ضبابية تتناغم مع تيمة اللغز المرادف للغابة السحرية. تبلغ حرفيّة إيدي ذروتها في لوحتين تبدوان كلوح زجاج مكسور، حيث يمكننا استشراف بعد تجريدي يتكامل مع تجارب إيدي السابقة. إذ يتداخل جذع الشجرة مع الأوراق والفراشات، ليخلق جسماً متجانساً من البني والأخضر والذهبي، رغم التركيز على تحديد الأجزاء في تقنية تشبه الزجاجيّات. تجزيء متناغم يدفع إلى التأمل في إمكان الانسجام الحقيقي بين العناصر، أو الانكسار التام الذي يلغي أي محاولة تواصل. الطبيعة الميتة تبدو إذاً من خلال ريشة إيدي، محاولة لإحياء اللون والضوء، ودعوة إلى رؤية الكون والطبيعة والأحلام بعين جديدة.


«الغابة السحرية» ــ حتى 12 تموز (يوليو) الحالي ـ غاليري «زمان»، (الحمرا) ــ 01/745571