زياد عبدالله تبدأ أحداث «ليلة البيبي دول» من مانهاتن، مع المرشد السياحي حسام (محمود عبد العزيز) الذي جاء إلى أميركا ليجد علاجاً لمشكلاته الزوجية. وبما أنّ البداية من مانهاتن، فسنشاهد استعادةً بصرية كاملة لانهيار برجي التجارة العالميين، ليقول لنا الفيلم إنّ حسام كان شاهداً على هذا الحدث الجلل، ثم يعود حسام بعد ذلك إلى القاهرة برفقة وفد أميركي بعد أن يشتري الـ«بيبي دول» لزوجته (سلاف فواخرجي). وما أن يبلغ حسام المطار حتى نقع على الإرهابي عوضين (نور الشريف) متربّصاً بالوفد الأميركي ومعه شكري (جمال سليمان).
ما تقدَّم آنفاً هو دراما الفيلم. بينما تمثّل محاولات حسام للتنعّم بليلة حبّ مع زوجته، ومحاولات عوضين لاغتيال الوفد الأميركي، مسرحاً للـ«فلاش باك». إذ يكفي التلفّظ باسم أو مكان حتى يندلع حدث تاريخي... فعوضين هو البطل القومي، ومن ثم الإرهابي، مرّ بكل ما عصف بمنطقتنا: من مشاركته في حرب أكتوبر، مروراً باعتقاله، ثم ذهابه إلى العراق، واعتقاله مجدداً في سجن أبو غريب، حيث تعرّض للتعذيب وفقد رجولته فتحول إلى إرهابي يقتل بلا رحمة.
في العراق، يقع عوضين في حبّ ليلى خوري (غادة عبد الرازق). وعندما يقع بصره على قلادة نجمة داوود في عنقها، حتى نعود نحن في الزمن (مرةً أخرى) لنراها مناضلةً شرسة ضد الممارسات الإسرائيلية، فنتنبّه بالتالي إلى أنّ اسمها في الفيلم جاء على وزن راشيل كوري، ليستعيد الشريط سحلها بجرافة، ومؤتمراً للتضامن معها في نيويورك بحضور عوضين طبعاً.
هذه أمثلة قليلة من بطولة الـ«فلاش باك» في «ليلة البيبي دول» الذي اعتمد ذاكرة الشخصيات مبرِّراً لذلك، مستخدماً تلك الأحداث ببغائية بصرية، ومراهناً فقط على تقديم لقطات مطابقة للقطات أرشيفية وحشر شخصيات الفيلم فيها، من دون أي مبررات درامية. هكذا، سنشاهد أيضاً المحاضرة الأميركية اليهودية سارة (ليلى علوي) المناصرة للسلام، ونتعرف إلى ماضيها وعائلتها التي قُتلت في المعتقلات. بينما المستر بيتر (جميل راتب) القادم مع الوفد لعقد صفقات تجارية هو نفسه الجنرال بيتر الذي كان رئيس سجن أبو غريب عندما عذّب عوضين، وغير ذلك من «القصّ واللصق» بالأحداث والشخصيات. هذا مع هيمنة مطلقة للخطابية الجوفاء، والحوارات المفتعلة الملأى بالمواعظ عن علاقة أميركا بالعالم العربي، وغير ذلك من حوارات مسبقة الصنع، كأن تجري مقارنة بين حكم صدام حسين للعراق والاحتلال الأميركي الآن وفق عدد الأرواح التي أزهقت في المرحلتين، وعلى لسان سائق تاكسي عراقي (محمود الجندي) يرطن بلهجة شامية. «ليلة البيبي دول» فيلم مسبق الصنع، يمتلك قدرة خارقة على ابتلاع نجومه الكثر، والتفريط بكل ما كان متاحاً أمامه من إمكانات.


«ليلة البيبي دول» ـ حالياً في صالات «سينما سيتي»، «دون»، «سوديكو»، «أبراج»، «زوق»
www.circuit-empire.com
www.circuitplanete.com