ياسين عدنانكان طلاب مركز «دراسات الشرق الأوسط» التابع لجامعة «لاند» المنظّمة للمهرجان يحدّقون إلينا مستغربين كيف أنّ رؤوسنا لا تزال بين أكتافنا، نحن القادمين من تلك البلاد التي في مقطع الفزع، ويسترقون النظر إلى أيدينا لإحصاء أصابعنا خلسة. ولأن الشعراء العرب عادة ما يجلدون بأيديهم الهواء أثناء القراءة، فقد وجدها الطلاب والشعراء السويديون فرصة للاطمئنان إلى أصابعهم.
لكن ماذا عن الشعر؟ يبدو أن الجمهور أصيب بخيبة أمل. فنموذج نزار قباني الذي اقترحه أساتذة المركز على طلبتهم كان بعيداً عن الأجواء التي اختار أغلب الشعراء الانحياز إليها أثناء القراءة. ثم إن بعض الطلبة وجدوا صعوبة في تصديقي حينما أخبرتهم بأن نزار شاعر حُبّ، بل هناك من يلقّبه في بلادنا بـ«شاعر المرأة». فمختاراته السويدية، مع الأسف، تجاهلت قصائده الغزلية الجميلة، وتضمّنت فقط شعر الهجاء السياسي الحادّ لديه. لذا كان دور الشعراء العرب الأول في هذا المهرجان هو إخراج صاحب «طفولة نهد» من القالب الذي سجنه فيه السويديون.
في الليلة الأخيرة، قلت لإيفا التي تحلم بزيارة المغرب وتتردد في ذلك: «لا تخشي شيئاً يا صديقتي، جرّبي أن تحلّقي باتجاهنا. لن تحتاجي إلى تأشيرة سفر رغم أنك شاعرة. وستكتشفين أنّ أحوالنا قد تحسّنت إلى حدّ ما. وأصابعنا، كما ترين، لا تزال في مكانها. صحيح أنهم ما زالوا يقلّمون أظافرنا من حين إلى آخر، لكن أصابعنا ستبقى في مكانها كاملة غير منقوصة. ثم إننا يا صديقتي نحب القمر ويستحيل أن نفكر بقتله يوماً».