باريس ــ بسام الطيّارةوأكد جميل شلق، مدير شؤون الموظفين، في اتصال مع «الأخبار»، على «وجود قضية إدارية داخليّة»، رافضاً التعليق عليها، علماً بأن رسائل إنذار وجهت أمس إلى بعض الموظفين المعترضين على قرار إيقاف مدني عن العمل.
أما الشقّ السياسي من العاصفة، فظهرت بوادره مباشرةً بعد إقفال وسائل إعلام «المستقبل» في بيروت. إذ التفتت القوى الحريرية صوب «إذاعة الشرق» على رغم أنّها لم تعد تبث مباشرة في لبنان سوى نشرتين إخباريتين يومياً. ويقول مصدر مقرّب من ملف العلاقات بين جهاز تيار «المستقبل» الفرنسي والإذاعة، إنه «كُلّف أحد كوادر التيار الإشراف السياسي على المحطة»، للدفع باتجاه التعويض عن غياب التواصل الإعلامي بين التيار ومؤيديه في لبنان، عبر إعادة البث مباشرة باتجاه لبنان.
إلا أن ريما طربيه، المسؤولة الإعلامية في «تيار المستقبل» في باريس، نفت نفياً قاطعاً «أن يكون هناك أيّ توجه لتعيين منسق سياسي في الإذاعة». وشددت على أن «فؤاد نعيم زار بيروت أخيراً لأسباب خاصة، وليس بسبب مشكلات إدارية كما ذكرت بعض وسائل الإعلام». وأضافت أنه «يتمتع بثقة نازك الحريري والنائب سعد الحريري، وما من صعوبات تواجهه في إدارة الإذاعة».
في المقابل، أشار مصدر إلى أن هذا التكليف كشف عن وجود «تباين واضح وعميق» بين توجهين في تيار «المستقبل» الناشط في باريس. وفي هذا الإطار، يتحدث الوسط الصحافي الفرنسي عن مقابلة أجراها وسجلها أحد صحافيي «إذاعة الشرق» مع «ممثل بارز جداً لتيار المستقبل في فرنسا»، ثم منعت إدارة التحرير إذاعتها بحجة أن المسؤول «سنّي متشدد منشقّ عن تيار المستقبل».
وعلمت «الأخبار» أن القضية ليست وليدة معارك بيروت بل «قضية قلوب مليانة»، وأن المسؤول المذكور هو إبراهيم ناصر الذي كان حتى قبل كتابة هذه السطور يُعدّ مسؤولاً في تيار «المستقبل».
ولم يتردد مصدر مسؤول في «المستقبل» من التأكيد أن التباين يعود إلى صيف ٢٠٠٧، عندما عقد لقاء لكوادر التيار، وكان التوجه لتأسيس حزب في فرنسا حسب رغبة النائب سعد الحريري. ثم، أمام ممانعة بعض الأطراف، جرى التراجع عن الفكرة.
ويشير قيادي في تيار «المستقبل» إلى أن لقاء هذه الكوادر كشف عن «وجود توجهين مختلفين داخل تيار المستقبل في فرنسا»: الأول هو «توجه لبناني حريري، وهو الأوسع بين مؤيدي التيار في فرنسا، يرى ضرورة استيعاب كل الفئات التي تعاطفت مع خط الرئيس رفيق الحريري بعد استشهاده، والتي انضمت إلى التيار لتكوّن قاعدته السياسية في فرنسا. أما الثاني فيضم، حسب رأي المصدر، «مجموعة صغيرة غير مؤثرة على الأرض»، ترى ضرورة «الالتصاق بالتوجه العام لفريق ١٤ آذار». حتى لو أدى ذلك إلى ابتعاد بعض الفئات عن تيار المستقبل في فرنسا، داعية إلى «عدم تصفية حسابات بيروتية في باريس».
إلا أن التحقيق الذي قامت به «الأخبار» بيّن أن الأمر «يتجاوز مسألة التباين ليغدو صراعاً بين شخصيتين، أي بين مسؤول تيار المستقبل في فرنسا إبراهيم ناصر، ومسؤولة الإعلام ريما طربيه”. ويضيف بعضهم أن هذا الصراع الخفي، امتدت ضلوعه لترسم خطاً يحد بين توجهين في إذاعة الشرق. وفيما يُعدّ المدير العام للإذاعة من المقربين من طربيه، يُعدّ ناصر من المقربين لهاني حمود المستشار الإعلامي للنائب سعد الحريري.
وعندما سألنا طربيه عن حقيقة خلافها مع ناصر، دحضت كل ادعاء بأن يكون المذكور «مسؤولاً في تيار المستقبل»، مشددةً على أنه «كان يدور في فلك التيار خلال النشاطات». وأشارت إلى إنها حاولت إفهام ناصر بأنه لا يكفي للمرء «أن يكون سنياً ليكون في تيار المستقبل الذي يحمل مشروعاً لبنانياً سياسياً». كما أكدت على أن «فصل ناصر يعود إلى ٦ أشهر»، رافضةً التحدث عن «انشقاق ما دام ناصر لم يحمل بطاقة التيار في باريس”. وذكّرت بأنه أسس جمعية جديدة تحت اسم «لبنان المستقل»، نافية أن تكون وراء منع إذاعة مقابلته في راديو الشرق. وفيما يشير مراقبون إلى أن القوات اللبنانية تدعم توجه طربيه وتساند بعض قوى اليسار توجّه ناصر، رفض هذا الأخير التعليق على تصريحات طربيه، مؤكداً أن علاقته مباشرة مع بيروت، كما رفض التأكيد على خبر الجمعية الجديدة. وفي وقت تطفو الخلافات السياسية على السطح، يتردد اليوم أن «قسماً كبيراً من العاملين في الإذاعة، يحملون ميولاً سياسية قريبة من المعارضة، وخصوصاً في القسم الفرنسي»... فكيف ستؤول الأمور في «إذاعة الشرق»، وسط كل هذه الخلافات السياسية والمشكلات الإدارية؟