قبل أشهر من مقتله، استشرف جان سيناك النهاية المأسوية الآتية. خلال أشهر عزلته الطويلة، وبعد الحصار الإعلامي والسياسي الذي فُرض عليه، وحظر برنامجه «أشعار على كل الجبهات»، أسرّ إلى العديد من رفاقه الكُتّاب قائلاً: «سترون كيف سيقتلونني، ثم سيحاولون تلبيس ذلك في صيغة جريمة حق عام».وبالفعل، بعد اكتشاف جثة الشاعر مطعوناً في القبو الذي كان يتّخذ منه مسكناً، في شارع إيليزيه ريكلو، في أعالي العاصمة الجزائرية، صباح يوم 30 آب (أغسطس) 1973، جاء في صحيفة «المجاهد» الرسمية: «ألقت مصالح أمن الجزائر العاصمة القبض على شخص يدعى محمد بريج، اعترف بأنّه قاتل الشاعر، الفرنسي الأصل، جان سيناك. واعترف القاتل بأن السرقة كانت دافعه لارتكاب الجريمة».
لكنّ مجموعة بارزة من المثقفين الجزائريين، من رفاق سيناك، احتجوا على ذلك الخبر المفبرك والمغرض، وطعنوا في صحته، مشكّكين بوجود شخص يدعى محمد بريج من الأصل. وفرض هؤلاء على صحيفة «المجاهد» نشر التصويب الآتي: «اكتُشفت جثة الشاعر الجزائري جان سيناك في قبوه الكائن في 2 شارع إيليزيه ريكلو، حيث وُجد مطعوناً بضربات سكين من مجهول. وحسب ما صرّح به رفقاؤه من المثقفين والفنانين، فإن الأمر إنما يتعلق بجريمة سياسية. ولا يسع رفاق سيناك سوى التذكير بما كتبه سيناك ذاته، قبل سنوات: إننا يمكن أن نقبل كل شيء، وأن نحب أي شيء، إلا الجريمة..».
وفي إحدى آخر قصائده الأخيرة، كتب سيناك أبياتاً أشبه بالوصية: “لقد دنستم إنسانيتنا/ دنّستم صرخة الروح/ ونحرتم إرادة الحياة فينا/ وحانت ساعتكم،/ كي تقتلوا فيّ حرّيتكم./ لكن زهرة القنب البرّية/ لم تُولد إلا لتعود في النهاية/ إلى تربتها الأم/ وستعرفون كم أني أموت ميتة متفائلة!»